فمقتضى هاتين الروايتين أن قذف غير المسلم منهيّ عنه مع عدم
اطّلاع على فعله و أمّا مع الاطلاع فلا بأس به.
و عليه فالفرق بين المسلم و الكافر في أنه لا يجوز القذف بالنسبة إلى
المسلم مطلقا صادقا أو كاذبا و أمّا بالنسبة إلى كافر فلا يجوز بدون الاطلاع أي
كاذبا و أمّا صادقا كما إذا كان قد رأى ذلك منه فلا بأس به، و مع ذلك فلا تعرّض
فيهما للتعزير و عدمه.
و عن أبي الحسن الحذّاء قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام
فسألني رجل ما فعل غريمك؟ قلت: ذاك ابن الفاعلة فنظر إليّ أبو عبد اللّه عليه
السلام نظرا شديدا قال: فقلت: جعلت فداك إنّه مجوسيّ أمّه أخته فقال: أو ليس ذلك
في دينهم نكاحا؟[1].
و هنا أيضا و إن لم يكن تعرّض بالنسبة إلى الحدّ أو التعزير إلّا أنه
ظاهر في الحرمة و المعصية.
و عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه قال: جاءت امرأة إلى رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه إنّي قلت لأمتي: يا زانية فقال:
هل رأيت عليها زنا؟ فقالت: لا، فقال: أما إنّها ستقاد منك يوم القيامة فرجعت إلى
أمتها فأعطتها سوطا ثمّ قالت: اجلديني فأبت الأمة فأعتقتها ثم أتت إلى النبي صلّى
اللّه عليه و آله فأخبرته فقال: عسى أن يكون به[2].
و يستظهر من هذا ترتب الحدّ أو التعزير مضافا إلى الحرمة، كما يستفاد
منه أيضا أنه لو عفى صاحب الحق فلا بأس به و يسقط بذلك الحد.
لا يقال: إنه يستفاد منه أيضا أن أمر الحدّ أو التعزير يكون بيد غير
الحاكم أيضا لأنّه يقال: لا دلالة له على ذلك لأنّه وقع الأمر و تحقّق تحت نظر
النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بإمضائه صلوات اللّه عليه.