و ما ذكرناه من أنه لا يفتقر الفسخ إلى الرجوع إلى الحاكم في غير العنة هو المشهور في كلام الأصحاب، و نقل الخلاف هنا عن ابن الجنيد حيث قال: و إذا أريدت الفرقة لم يكن إلا عند من يجوز حكمه من و الي المسلمين أو خليفته أو بمحضر من المسلمين إن كانا في بلد هدنة أو سلطان متغلب، انتهى.
و اضطرب كلام الشيخ في المبسوط في هذا المقام فقال: و إن اختار الفسخ أتى الحاكم بفسخ النكاح، و ليس له أن ينفرد به لأنها مسألة خلاف، هذا عند المخالف و لا يمنع عندنا أن يفسخ الرجل ذلك بنفسه أو المرأة، لأن الأخبار مطلقة في هذا الباب، ثم قال بعد كلام طويل: فأما الفسخ فإلى الحاكم لأنه مختلف فيه، و لو قلنا على مذهبنا أنه له الفسخ بنفسه كان قويا، و الأول أحوط لقطع الخصومة، ثم قال بعد ذلك: لا يجوز أن تفسخ- يعني امرأة العنين- بغير حاكم لأنه مختلف فيه.
أقول: ظاهر كلامه و كذا ظاهر كلام ابن الجنيد أن اشتراط الفسخ بالحاكم مذهب المخالفين. أما كلام الشيخ فهو صريح في ذلك، و أن مذهب الإمامية عدم اشتراطه، و أن هذا الاحتياط الذي صار إليه إنما هو بالنظر إلى خلاف العامة.
و أما كلام ابن الجنيد فإنه يشير إلى ذلك بقوله إن كانا في بلد هدنة- يعني تقية- أو سلطان متغلب- يعني سلاطين الجور.
و بالجملة فإن القول المذكور كما عرفت مع شذوذه لا دليل عليه، و ليس في هذا الكلام المنقول عنهما ما يدل على المخالفة لما عليه الأصحاب و صريحا إن
[1] التهذيب ج 7 ص 431 ح 30، الوسائل ج 14 ص 612 ح 9 و فيهما «ترافعه».