نام کتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة نویسنده : البحراني، الشيخ يوسف جلد : 23 صفحه : 56
و أنت خبير بأن ما قدمنا ذكره عن أصحاب هذا القول من الكراهة على تقدير الجواز لا إشارة فيه في هذه الأخبار، فضلا عن الدلالة عليه، و الظاهر أنهم استندوا فيه إلى خوف الفتنة، و هو أمر آخر كما لا يخفى.
و قيل: بالتحريم مطلقا و نقل عن العلامة في التذكرة، لعموم قوله تعالى [1]«وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ» الآية، و لاتفاق المسلمين على منع النساء، أن يخرجن مسافرات، و لو حل النظر لنزلن منزلة الرجال، و لأن النظر إليهن مظنة الفتنة و هي الشهوة، فالأليق بمحاسن الشرع حسم الباب، لأن
«الخثعمية[2]أتت رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع تستفتيه، و كان الفضل بن العباس رديف، رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فأخذ ينظر إليها و تنظر إليه و صرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) وجه الفضل عنها، و قال: رجل شاب، و امرأة شابة، فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان».
و أورد على هذه الأدلة، أن النهى مختص بما عدا محل البحث، لقوله عز و جل «إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا»، و دعوى اتفاق المسلمين عليه معارض بمثله، كما تقدم في أدلة القول الأول و لو ثبت لم يلزم منه تحريم، لجواز استناده إلى المروة و الغيرة، بل هو الأظهر، أو على وجه الأفضلية، و حديث الخثعمية بالدلالة على القول الأول أنسب، و إليه أقرب، لدلالته على جواز كشف الوجه يومئذ، و عدم تحريم النظر، و صرفه (صلى الله عليه و آله و سلم) وجه الفضل بن العباس، إنما وقع لأمر آخر، كما علله به من خوف الفتنة و لا كلام فيه، كما عرفت لا من حيث حرمة النظر، و لو كان النظر محرما، لنهي عنه (صلى الله عليه و آله و سلم) من أول الأمر، لوجوب النهي عن المنكر.
أقول: أنت خبير، بأنهم في هذا المقام لم يلموا بشيء من الأخبار، و لم يطلعوا عليها بالكلية، و إلا فهي الأولى بالاعتبار و الاستدلال في الإيراد و الإصدار و من تأمل فيما قدمناه من الأخبار و نحوها غيرها لم يختلجه شك في ضعف القول