و أمثاله- ان حصول الكرية موجب لعدم الانفعال و انتفاءها موجب للانفعال، فإذا حصل الشك في الكرية كان حكمها في الانفعال و عدمه مشكوكا فيه، و تعيين أحدهما يحتاج الى دليل (فان قيل): الدليل هو العمومات الدالة على طهارة الماء (قلنا): العمومات على تقدير تسليمها مخصوصة بالخبر المذكور، و الشك إنما حصل في كون محل النزاع فردا للمخصص أم لا، فتعيين أحدهما يحتاج الى دليل.
احتج الآخرون بان الحمل على المدني يقتضي الاحتياط، حيث ان الأقل مندرج تحته. و بأنه (عليه السلام) كان من أهل المدينة، فالظاهر انه (عليه السلام) أجاب بما هو المعهود عنده.
و أجيب عن الأول بأن الاحتياط ليس بدليل شرعي. مع انه معارض بمثله، فان المكلف مع تمكنه من الطهارة المائية لا يسوغ له العدول إلى الترابية، و لا يحكم بنجاسة الماء إلا بدليل شرعي، فإذا لم يقم على النجاسة فيما نحن فيه دليل كان الاحتياط في استعمال الماء لا في تركه. و عن الثاني بأن المهم في نظر الحكيم هو رعاية ما يفهمه السائل، و ذلك إنما يحصل بمخاطبته بما يعهده من اصطلاحه، و لم يعلم ان السائل كان مدنيا، و غالب الرواة عنه (عليه السلام) كانوا من أهل العراق، فلعل السائل كان منهم حملا على الغالب.
(قلت): و يؤيد بأن المرسل و هو ابن ابي عمير كان عراقيا، و بجوابه (عليه السلام)- لمحمد بن مسلم الذي هو من الطائف توابع مكة- بستمائة رطل المتعين أو الظاهر حملها على الأرطال المكية. لما تقدم، و
بقوله (عليه السلام) في حديث الكلبي النسابة [2] لما سأله عن الشن الذي ينبذ فيه التمر للشرب و الوضوء: «و كم كان يسع