إلاّ إذا كان سبب شـكّه خروج رطوبة مشـتبهة بالبـول ولم يكن مسـتبرئاً فإنّه حينئذ يبني على أ نّها بول وأ نّه محدث ، وإذا شكّ في الوضوء بعد الحدث يبني على بقاء الحدث ، والظن غير المعتبر كالشك في المقامين . وإن علم الأمرين وشكّ في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الاستبراء ، فلا بدّ حينئذ من أن يبني على أنه بول وأنه محدث فيجب عليه الوضوء ، وهذا للروايات الواردة في البلل المردد قبل الاستبراء[1] .
الصورة الثانية :
واُخرى يشك في الحدث من جهة تحقق الحدث وعدمه ، أو من جهة أن الموجود حدث أو لا بعد الاستبراء كما في البلل المشتبه ، فحينئذ يبني على طهارته وبقاء وضوئه . وهذه المسألة مضافاً إلى أنها متسالم عليها بين أصحابنا بل بين المسلمين قاطبة ولم ينسب الخلاف فيها إلاّ لبعض العامّة وهم المالكية فحسب [2] مما يدل عليها صحيحة زرارة في "الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء ؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاُذن فإذا نامت العين والاُذن والقلب وجب الوضوء ، قلت : فإن حرك على جنبه شيء ولم يعلم به ؟ قال (عليه السلام) : لا ، حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أمر بيِّن ، وإلاّ فإنه على يقين من وضوئه ، ولا تنقض اليقين أبداً بالشك" [3] لأنها وإن كانت واردة في الشك في النوم إلاّ أن ذيلها يدلّ على أن اليقين لا ينقض بالشك مطلقاً ، بلا فرق في ذلك بين
ــــــــــــــــــــــــــــ
[2] ففي الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 87 عند قولهم : ولا ينتقض بالشك في الحدث . المالكية قالوا ينتقض الوضوء بالشك في الحدث أو سببه ، كأن يشك بعد تحقق الوضوء هل خرج منه ريح أو مسّ ذكره مثلاً أو لا ، أو شك بعد تحقق الناقض هل توضأ أو لا ، أو شك بعد تحقق الناقض والوضوء هل السابق الناقض أو الوضوء ، فكل ذلك ينقض الوضوء لأن الذمّة لا تبرأ إلاّ باليقين ، والشاك لا يقين عنده .