و هو صيد البحر كتابا[1]
و سنة[2] و إجماعا
بقسميه، بل هو كذلك بين المسلمين كما في المنتهى فضلا عن المؤمنين. ثم إن الصيد
الذي يعيش في الماء دائما كالسمك فلا يحتاج في تعريفه إلى معونة بيان، و هكذا فيما
يعيش في البر دائما و إنما الاشكال و الإبهام فيما يتردد بينهما في طوال العمر، و
لأجل ذلك قال المحقق صاحب الشرائع: كصيد البحر و هو ما يبيض و
يفرخ في الماء و عن صاحب الجواهر: و بحكم ذلك التوالد. و عن
الأستاد حفظه الله: فيما شككنا في جواز قتله و عدمه عند عدم الدليل مقتضى الأصل
جواز القتل. و مثله الدجاج الحبشي و عن
صاحب الجواهر: المسمى بالسندي و الفرغر، و في المسالك: قيل إنه طائر أغبر اللون
قدر الدجاج الأهلي، أصله من البحر، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه مستفيض
كالنصوص. منها صحيح معاوية بن عمار[3] قال:
(سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدجاج الحبشي فقال ليس من الصيد، إنما الصيد
ما طار بين السماء و الأرض وصف). و منها صحيح جميل و محمد بن مسلم[4] قالا: (سئل أبو عبد الله عليه
السلام عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم فقال: نعم، لأنها لا تستقل بالطيران)
إلى غير ذلك من النصوص العامة لإباحة كل ما لا يصف و الخاصة للدجاج الحبشي، بل
منها يستفاد أنه ليس بصيد، لعدم امتناعه خلافا للمحكي عن الشافعي فحرمه، قال: لأنه
وحشي يمتنع بالطيران و إن كان ربما يألف البيوت، و هو الدجاج البري قريب من الأهلي
في الشكل و اللون. و عن الأزهري (كانت بنو إسرائيل من أهل تهامة أعتى الناس على
الله تعالى فقالوا قولا لم يقله أحد، فعاقبهم الله بعقوبة ترونها الان بأعينكم،
جعل رجالهم قردة، و برهم الذرة، و كلابهم الأسود، و رمانهم الحنظل و عنبهم الأراك،
و جوزهم السرو، و دجاجهم الفرغر، و هو دجاج الحبش، لا ينتفع بلحمه لرائحته) و عن
التهذيب: لاغتذائه بالعذرة. قال المحقق صاحب الشرائع: و
كذا النعم و لو توحشت لعدم صدق اسم الصيد عليه أولا، و امتناعه
بالعرض ثانيا، و عن صاحب الجواهر: بلا خلاف أجده فيه، بل عن المنتهى نسبته إلى
علماء الأمصار، مضافا إلى الأصل و إطلاق النصوص[5]
الدالة على جواز ذبحها و ذبح الدجاج في الحرم و للمحرم عند الشك، فما عن مالك من عدم
الجزاء للمستأنس منه و عدم جواز قتل ما توحش في غير محله، كالمحكي عن المزني من
عدم الجزاء أيضا في المملوك منه، و عن الأستاد حفظه الله: ضرورة منافاته لإطلاق
الروايات الواردة في الباب التي ذكرناها. قال المحقق صاحب الشرائع: و لا كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلا الأسد فإن على قاتله
كبشا إذا لم يرده على رواية فيها ضعف و عن صاحب الجواهر: بلا خلاف
أجده في المستثنى منه، بل عن صريح الخلاف و ظاهر المبسوط و التذكرة الإجماع عليه،
و هو الحجة بعد الأصل.