الصدور، وجهته، و ظهوره، و سائر الاصول العقلائيّة، و مع عدم جريان واحد منها لا يعملون به، و لا معنى للتعبّد بالصدور إلّا العمل به، و ما لا عمل له بوجه لا يكون مورداً للُاصول العقلائيّة، و لا للأدلّة الشرعيّة على فرضها.
فما يقال: من أنّ التعبّد بالصدور مقدّم على التعبّد بجهته، إن كان مراده هو التعبّد العمليّ شرعاً، أو البناء العمليّ لدى العقلاء، فلا معنى له، و هو واضح، و إن كان غير ذلك فلا محصّل له.
و أمّا ثانياً: فلأنّه لو سلّم، فإنّما هو في غير باب التعارض؛ ضرورة أنّ كافّة الاصول اللّفظية و العقليّة تسقط بالمعارضة، و تكون الروايتان ساقطتين رأساً، فلا بدّ في العمل بواحدة منهما تعييناً أو تخييراً، من التماس دليل، و ليس إلّا أخبار العلاج، و هي تدلّ على تقدّم الترجيح بموافقة الكتاب.
و أمّا ثالثاً: لو سلّم كلّ ذلك، فلا يقاوم بناءُ العقلاء المصحّحةَ المصرّحة بتقدّم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بمخالفة العامّة؛ لأنّ الأدلّة الشرعيّة- على فرضها- و الاصولَ العقلائيّة، كلّها قابلة للتخصيص و الردع فلا تغفل، هذا كلّه في المرجّح المنصوص.
و أمّا غيره، فبناءً على أنّ الترجيح بمطلقه إنّما هو لأجل دوران الأمر بين التعيين و التخيير، فلا ترجيح لمرجّح على مرجّح إلّا ما هو أتمّ ملاكاً و أقرب إلى الواقع.