القواعد الحقيقيّة عين و لا أثر، سوى كتاب «المحصّل» الّذي اسمه غير
مطابق لمعناه، و بيانه غير موصل إلى دعواه، و هم يحسبون أنّه في ذلك العلم كاف، و
عن أمراض الجهل و التّقليد شاف و الحقّ أنّ فيه من الغث و السّمين ما لا يحصى، و
المعتمد عليه في إصابة اليقين بطائل لا يحظى، بل يجعل طالب الحقّ ينظر فيه كعطشان
يصل الى السّراب، و يصير المتحيّر في الطّرق المختلفة آيسا عن الظّفر بالصّواب.
رأيت أن أكشف القناع عن وجوه أبكار مخدّراته، و أبيّن الخلل في
مكامن شبهاته، و أدلّ على غثّه و سمينه، و ابيّن ما يجب أن يبحث عنه من شكّه و
يقينه. و إن كان قد اجتهد قوم من الأفاضل في إيضاحه و شرحه، و قوم في نقض قواعده و
جرحه، و لم يجر أكثرهم على قاعدة الانصاف، و لم تخل بياناتهم عن الميل و الاعتساف
و أسمّي الكتاب ب «تلخيصالمحصّل»، و أتحف به، بعد أن يتمّ و يتحصّل، على مجلس المولى
المعظم، الصّاحب الأعظم، العالم العادل، المنصف الكامل، علاء الحقّ و الدّين، بهاء
الاسلام و المسلمين، ملك الوزراء في العالمين، صاحب ديوان الممالك، [دستور الشرق و
الغرب] عطاء ملك، ابن الصّاحب السّعيد، بهاء الدّولة و الدّين، محمّد، أعزّ اللّه
أنصاره، و ضاعف اقتداره إذ هو في هذا العصر بحمد اللّه معتنى بالامور الدّينيّة
لا غير، موفّق في إحياء معالم كلّ خير، منفرد في اقتناء الكمالات الحقيقيّة، متخصص
بافشاء الخيرات الاخرويّة فان لاحظه بعين الرّضا فذلك هو المبتغى، و إلى اللّه
الرّجعى، و العاقبة لمن اهتدى.
و لأشرع فيما أنا بصدده، و أورد عباراته أوّلا، ثمّ اشتغل بحلّ
عقده.