responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم    جلد : 0  صفحه : 107

هذه صورة لا شك رائعة أبدع أبو العتاهية تصويرها، و ستبقى حلوة فى الأسماع حبيبة إلى النفوس ما بقى الزمان.

ثم اسمع قول البارودى:

إذا استلّ منّا سيّد غرب سيفه‌

 

تفزّعت الأفلاك و التفت الدّهر [1]

 

و خبرنى عما تحسّ و عما ينتابك من هول مما تسمع. و قل لنا كيف خطرت فى نفسك صورة الأجرام السماوية العظيمة حيّة حساسة ترتعد فزعا و وهلا، و كيف تصورت الدهر و هو يلتفت دهشا و ذهولا؟

ثم اسمع قوله فى منفاه و هو نهب اليأس و الأمل:

أسمع فى نفسى دبيب المنى‌

 

و ألمح الشّبهة فى خاطرى‌

 

تجد أنه رسم لك صورة للأمل يتمشى فى النفس تمشيا محسّا يسمعه بأذنه. و أن الظنون و الهواجس صار لها جسم يراه بعينه؛ هل رأيت إبداعا فوق هذا فى تصويره الشك و الأمل يتجاذبان؟ و هل رأيت ما كان للاستعارة البارعة من الأثر فى هذا الإبداع؟

ثم انظر قول الشريف الرضى فى الوداع:

نسرق الدّمع فى الجيوب حياء

 

و بنا ما بنا من الأشواق‌

 

هو يسرق الدمع حتى لا يوصم بالضعف و الخور ساعة الوداع، و قد كان يستطيع أن يقول: «نستر الدمع فى الجيوب حياء»؛ و لكنه يريد أن يسمو إلى نهاية المرتقى فى سحر البيان، فإن الكلمة «نسرق» ترسم فى خيالك صورة لشدة خوفه أن يظهر فيه أثر للضعف، و لمهارته و سرعته فى إخفاء الدمع عن عيون الرقباء. و لو لا ضيق نطاق هذا الكتاب لعرضنا عليك كثيرا من صور الاستعارة البديعة، و لكنا نعتقد أن ما قدمناه فيه كفاية و غناء.


[1] غرب السيف: حده، و تفزعت: ذعرت أى أصابها الذعر و هو الخوف.

نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم    جلد : 0  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست