responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم    جلد : 0  صفحه : 106

و إذا سمعت قوله فى رثاء المتوكل و قد قتل غيلة:

صريع تقاضاه اللّيالى حشاشة

 

يجود بها و الموت حمر أظافره‌ [1]

 

فهل تستطيع أن تبعد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت، و هى صورة حيوان مفترس ضرّجت أظافره بدماء قتلاه؟

لهذا كانت الاستعارة أبلغ من التشبيه البليغ؛ لأنه و إن بنى على ادعاء أن المشبه و المشبه به سواء لا يزال فيه التشبيه منويّا ملحوظا بخلاف الاستعارة فالتشبيه فيها منسىّ مجحود؛ و من ذلك يظهر لك أن الاستعارة المرشحة أبلغ من المطلقة، و أن المطلقة أبلغ من المجردة.

أما بلاغة الاستعارة من حيث الابتكار و روعة الخيال، و ما تحدثه من أثر فى نفوس سامعيها، فمجال فسيح للإبداع، و ميدان لتسابق المجيدين من فرسان الكلام.

انظر إلى قوله عزّ شأنه فى وصف النار: «تكاد تميّز من الغيظ كلّما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير [2]»؟ ترتسم أمامك النار فى صورة مخلوق ضخم بطّاش مكفهرّ الوجه عابس يغلى صدره حقدا و غيظا.

ثم انظر إلى قول أبى العتاهية فى تهنئة المهدى بالخلافة:

أتته الخلافة منقادة

 

إليه تجرّر أذيالها

 

تجد أنّ الخلافة غادة هيفاء مدلّلة ملول فتن الناس بها جميعا، و هى تأبى عليهم و تصدّ إعراضا، و لكنها تأتى للمهدى طائعة فى دلال و جمال تجرّ أذيالها تيها و خفرا.


[1] الصريع: المطروح على الأرض، و تقاضاه أصله تتقاضاه حذفت إحدى التاءين؛ و هو من قولهم تقاضى الدائن دينه إذا قبضه، و الحشاشة: بقية الروح فى المريض و الجريح؛ يصفه بأنه ملقى على الأرض يلفظ النفس الأخير من حياته.

[2] تتميز غيظا: تتقطع غضبا على الكفرة، و هو تمثيل لشدة اشتعالها بهم، و الفوج: الجماعة، و الاستفهام فى قوله تعالى:

«أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ»؟ للتوبيخ.

نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم    جلد : 0  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست