وحاصل الكلام : أن الشك في بقاء الحرمة
والنجاسة المحمولين على العنب المغلي إنما يمكن بوجهين ـ أحدهما : الشك في رفع
الحرمة والنجاسة عنه بالنسخ. ثانيهما : الشك في بقاء الحرمة والنجاسة عند تبدل بعض
الحالات بعد فرض وجود العنب المغلي بكلا جزئيه ، كما إذا شك في بقائهما عند ذهاب
ثلثه. ولا إشكال في استصحاب بقاء الحرمة والنجاسة للعنب في كل من الوجهين ، كما تقدم.
وليس هذا مراد
القائل بالاستصحاب التعليقي ، ونحن لا نتصور للشك في بقاء النجاسة والحرمة للعنب
المغلي وجها آخر غير الوجهين المتقدمين ، فالاستصحاب التعليقي بمعنى لا يرجع إلى
استصحاب عدم النسخ ولا إلى استصحاب الحكم عند فرض وجود الموضوع بجميع أجزائه
وقيوده وتبدل بعض حالاته ، مما لا أساس له ولا يرجع إلى معنى محصل.
وما يقال : من أنه يمكن فرض بقاء
النجاسة والحرمة في المثال بوجه آخر لا يرجع إلى الوجهين السابقين ، بتقريب : أن
العنب قبل غليانه وإن لم يكن معروضا للحرمة والنجاسة الفعلية لعدم تحقق شرط
الموضوع ، إلا أنه معروض للحرمة والنجاسة التقديرية ، لأنه يصدق على العنب عند
وجوده قبل غليانه أنه حرام ونجس على تقدير الغليان ، فالحرمة والنجاسة التقديرية
ثابتتان للعنب قبل غليانه ، فيشك في بقاء النجاسة والحرمة التقديرية عند صيرورة
العنب زبيبا ـ بعدما كان عنوان العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا من مقوماته
ـ فعدم حصول الغليان إنما يمنع عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة الفعلية
واستصحابهما ، لا عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة التقديرية واستصحابهما
فهو واضح الفساد ، فان الحرمة والنجاسة
الفرضية التقديرية لا معنى لاستصحابهما ، إذ ليست الحرمة والنجاسة الفرضية في
العنب الغير المغلي إلا