وأبي
سفيان، وروى الواقدي أنّ معاوية لمّا عاد من العراق إلى الشام بعد صلح الإمام
الحسن سنة 41 خطب فقال: أ يّها الناس ، إنّ رسول الله قال: إنّك
ستلي الخلافة من بعدي! فاخترِ الأرضَ المقدّسة فإنّ فيها الأبدال ، وقد
اخترتكم فالعنوا أبا تراب ـ أي عليّ بن أبي طالب ـ[454].
3 ـ التلاعب بمفهومي الخليفة والرسول
عن ابن عيّاش ، قال: كنّا عند
عبدالملك بن مروان إذ أتاه كتاب من الحجاج يعظّم فيه أمر الخلافة و يزعم أنّ ما
قامت السماوات والأرض إلاّ بها ، وأنّ الخليفة عند الله أفضل من الملائكة
المقرّبين والأنبياء المرسلين[455].
وخطب الحجّاج بالكوفة فذكر الّذين
يزورون قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالمدينة، فقال:
تبّاً لهم! إنّما يطوفون بأعواد ورِمّة بالية! هلاّ طافوا بقصر أميرالمؤمنين
عبدالملك! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله[456].
وخطب خالد بن عبدالله القسري على منبر
مكّة فقال : أ يّها الناس
أ يّهما أعظم
أخليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم ؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة الا
أنّ إبراهيم خليل الرحمن استسقى ربّه فسقاه ملحاً أجاجاً ، واستسقاه الخليفة
فسقاه عذباً فراتاً ، يعني بئراً حفرها الوليد بن عبدالملك بالثنيتين
ـ ثنية طوى وثنية الحجون ـ فكان ينقل ماؤها فيوضع في حوض من
أدم إلى جنب زمزم ليعرف
[454] شرح
نهج البلاغة 4 : 72 وفيه : فلما كان من الغد كتب ( معاوية ) كتاباً
ثم جمعهم فقرأه عليهم ، وفيه : هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية
صاحب وحي الله الذي بعث محمّد اً نبياً ، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ،
فاصطفى له من أهله وزيراً كاتباً أميناً ، فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا
اكتبه ، وهو لا يعلم ما أكتب ، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه ،
فقال له الحاضرون كلهم: صدقت يا أميرالمؤمنين .