إنما الاشكال والكلام في صدق العنوانين على اللعب بالآلات بلا رهان ، وعلى اللعب بغيرها برهان أو غيره ، ولا ينبغي الريب في عدم صدقهما على الأخير ، وإن يظهر من بعضهم اطلاقهما على مطلق المغالبة ، لكنه خلاف المتبادر والمرتكز في الأذهان من القمار ، وخلاف كلمات اللغويين فيه ، وفي الميسر الذي هو أخص منه واو مساوق له ، على ما يأتي الإشارة إليه . والظاهر عدم صدقهما على ما قبله أيضا ، لأن القمار عرفا ليس مطلق المغالبة برهان ، فلا يقال لمن جعل الرهان بإزاء الغلبة في حسن الخط ; أو تجويد قراءة القرآن ، أو سرعة العدو أو الرمي ونحوها ، أنه مقامر ، ولا لفعلها أنه قمار ، والعرف أصدق شاهد عليه ، ويؤيد ما ذكرناه بل يشهد عليه ما ورد من جواز السبق والرماية مع شرط الجعل عليه [1] مع إباء قوله تعالى : إنما الخمر والميسر ، والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه [2] عن التخصيص وسيأتي أن الميسر هو مطلق القمار . وأما عدم صدق الميسر فكذلك بناء على أنه القمار ، وأوضح منه بناء على التفسير الآتي ، ولا يبعد عدم صدقهما على اللعب بالآلات بلا رهان ، كما تشهد به كلمات كثير من اللغويين ، كصاحب القاموس ، والمجمع ، والمنجد ، ومنتهى الإرب ، ومحكي لسان العرب ، فإنها طفحت بقيد الرهان . ففي القاموس قامره مقامرة وقمارا فقمره ، راهنه فغلبه ، وفي المنجد قمر يقمر قمرا : راهن ولعب في القمار ، ثم قال قامره مقامرة وقمارا راهنه ولاعبه في القمار إلى أن قال : تقامر القوم تراهنوا ولعبوا في القمار إلى أن قال : القمار مصدر كل لعب يشترط فيه أن يأخذ الغالب من المغلوب شيئا ، سواء كان بالورق أو غيره ، وفي المجمع : القمار بالكسر : المقامرة وتقامروا العبوا بالقمار واللعب بالآلات المعدة له على اختلاف أنواعها ، نحو الشطرنج والنرد وغير ذلك ، وأصل القمار الرهن على اللعب بالشئ من هذه الأشياء ، وربما أطلق على اللعب بالخاتم والجوز ، ويظهر
[1] الوسائل - كتاب السبق والرماية - الباب 3 . [2] سورة المائدة - الآية 92 .