نام کتاب : نكت النهاية نویسنده : المحقق الحلي جلد : 1 صفحه : 106
و التخريب و النهب و الحرق في سائر مناطق العراق ما صنعه ببغداد لكانت أبعاد الكارثة أعظم مما حصل بكثير، و مما يؤسف له أن الذين أرخوا هذه الفترة لم يعرفوا قيمة الدور الذي نهض به علماء الشيعة في هذه الكارثة من درء الخطر عن وسط و جنوب العراق.
و لا نعدم من المؤرخين من حاول أن يفسر تحرك علماء الشيعة في هذه الفترة بهذا الاتجاه تفسيرا سلبيا مغاليا في السلبية مفرطا في سوء الظن، و ليس يعنينا من أمر هؤلاء شيء، فإن أمثال هؤلاء كثير من الذين يحاولون أن يعكروا الماء ليصيدوا في الماء العكر.
و لكن الحقيقة من وراء هذا أو ذاك أن علماء الشيعة حدوا كثيرا من ضراوة هذا الغزو و أنقذوا الكثير مما كان لا يمكن إنقاذه لو لا هذا التحرك السياسي، فقد استطاع المحقق نصير الدين الطوسي- (رحمه الله)- مثلا من إنقاذ الكثير من المدن العراقية من الغزو المغولي، كما استطاع أن ينقذ الكثير من علماء بغداد و مدارسها و مكتباتها، و قد سلم بفضل هذا العالم الجليل الكثير من التراث و الكتب و المكتبات من سقوط بغداد.
يقول محمد شاكر الكشي في «فوات الوفيات» في ترجمة نصير الدين الطوسي: كان رأسا في علم الأوائل و لا سيما في الإرصاد و المجسطي فإنه فاق الكبار و قرأ على المعين سالم بن بدران المعتزلي الرافضي و غيره، و كان ذا حرمة وافرة و منزلة عالية عند هولاكو، و كان يطيعه فيما يشير به عليه، و الأموال في تصريفه و ابتنى بمراغة قبة، و رصدا عظيما شرع في تأسيسه سنة 657، و جعل في الرصد دارا واسعة و استنبط آلات عديدة شريفة للارصاد، و اتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الإرجاء و ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد و الشام و الجزيرة حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد [1].
[1] تعليقة السيد محمد صادق بحر العلوم على اللؤلؤة: ص 245 و 246 نقلا عن «فوات الوفيات».
نام کتاب : نكت النهاية نویسنده : المحقق الحلي جلد : 1 صفحه : 106