و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاََمَ اَللََّهِ[1] .
و قال: وَ يُرِيدُ اَلشَّيْطََانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاََلاً بَعِيداً[2] .
و قال: إِنَّمََا يُرِيدُ اَلشَّيْطََانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَدََاوَةَ وَ اَلْبَغْضََاءَ[3] . و ما أشبه ما ذكرنا أكثر من أن نأتي عليه في هذا الموضع.
فإن قال: فما معنى قوله: وَ مََا تَشََاؤُنَ إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ* .
قيل له: إنّ اللّه ذكر هذا المعنى في موضعين، و قد بيّنهما و دلّ عليهما بأوضح دليل و أشفى برهان على أنّها مشيئته في الطاعة، فقال: وَ مََا تَشََاؤُنَ إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ رَبُّ اَلْعََالَمِينَ[4] فهو «عزّ و جلّ» شاء الاستقامة و لم يشأ الاعوجاج و لا الفكر، و قال في موضع آخر إِنَّ هََذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شََاءَ اِتَّخَذَ إِلىََ رَبِّهِ سَبِيلاً (29) `وَ مََا تَشََاؤُنَ إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ[5] فاللّه قد شاء اتّخاذ السبيل و لم يشأ العباد ذلك إلاّ و قد شاء اللّه لهم، فأمّا الصدّ عن السبيل و صرف العباد عن الطاعة فلم يشأ «عزّ و جل» .
و يقال لهم: أليس المريد لشتمه غير حكيم؟فمن قولهم: نعم، قيل لهم: أو ليس المخبر بالكذب كاذبا؟فمن قولهم: نعم، قيل لهم: و قد زعمتم أنّ اللّه يريد شتمه و يكون حكيما فلا بدّ من الاقرار بذلك أو يتركوا قولهم.
و يقال لهم: فما أنكرتم أن يخبر بالكذب و لا يكون كاذبا؟فإن منعوا من ذلك قيل لهم: و لا يجب أن يكون حكيما بإرادة السفه و إرادة شتم نفسه، و لا يجدون إلى الفصل سبيلا. فإن أجازوا على اللّه أن يخبر بالكذب لم يأمنوا بعد إخباره عن البعث و النشور و الجنّة و النار أنّها كلّها كذب و يكون بذلك صادقا، و لا يجدون من الخروج عن هذا الكلام سبيلا.
و يقال لهم: فما تريدون أنتم من الكفّار؟فإن قالوا: نريد من الكفّار الكفر،