أن اللّه تعالى علم من حال جماعتهم من نفي الخطأ ما لم يعلمه من الآحاد، فمن أين لهم استمرار هذا الحكم في كلّ عصر؟!و قد ألزمناهم-إذا كانوا مستدلّين بالآية-أن يراد بلفظة «المؤمنين» إذا حملت على العموم-كلّ مؤمن إلى أن تقوم الساعة على الإجماع، و متى خصّوا بذلك أهل كلّ عصر كانوا تاركين للظاهر، و غير منفصلين ممّن حمل ذلك على بعض مؤمني كلّ عصر.
و كذلك الكلام عليهم إذا استدلّوا بالخبر. فوضح ما قلناه.
[الخامس: ]فصل في أنّ انقراض العصر غير معتبر في الإجماع
اعلم أن علّة كون الإجماع فيه الحجّة-على ما ذهبنا-يبطل اعتبار انقراض العصر، و لمن ذهب من مخالفينا إلى أنّ للإجماع تأثيرا أن يقول:
الدلالة قد دلّت على أنّه إنّما كان حجّة لكونه إجماعا، و هو قبل انقراض العصر بهذه الصفة، فلا معنى لاعتبار غيرها.
[السادس]: فصل في أن الإجماع بعد الخلاف هل يزيل حكم الخلاف أم لا؟
اختلف الناس في هذه المسألة: فذهب قوم إلى أنّ حكم الخلاف باق لا يزول بالإجماع الثاني، و قال آخرون: إنّ الإجماع على أحد القولين يمنع من القول بالآخر، و يجرونه مجرى الإجماع المبتدأ في المنع من خلافه، و فيهم من فصّل بين أن يكون المجمعون ثانيا هو المختلفون أولا، فقال: إذا كان المجمعون هم المختلفون كان إجماعا يمنع من القول الآخر، و إن كانوا غيرهم لم يكن كذلك. و قد حكي عن بعضهم أنّه منع من وقوع إجماع بعد اختلاف أصلا. و الصحيح أنّ الإجماع بعد الخلاف كالإجماع المبتدأ في أنّه حجّة يمنع