[المقدّمة الخامسة]: باب الكلام في الأخبار و فيها أمور:
الأوّل: فصل في حدّ الخبر و مهمّ أحكامه
الواجب أن يحدّ الخبر بأنّه ما صحّ فيه الصّدق أو الكذب؛ لأنّ حدّه بما يمضى في الكتب بأنّه «ما صحّ فيه الصدق و الكذب» ينتقض بالأخبار الّتي لا تكون إلاّ صدقا، كقولنا: إنّه تعالى محدث للعالم، أو عالم لنفسه، و إنّ الجهل و الكذب قبيحان. و ينتقض أيضا بما لا يكون إلاّ كذبا، كنحو قولنا: إنّ صانع العالم محدث، و الكذب حسن.
و قد حدّه قوم بأنّه «ما احتمل التصديق و التكذيب» ، فرارا من أن يقول في صادق و كاذب: إنّهما صدقا، أو كذبا. و حدّ الخبر بأنّه ما احتمل التصديق و التكذيب صحيح في نفسه، و جار مجرى ما اخترناه من الحدّ. و الصّحيح أنّ الخبر عن صادق و كاذب بأنّهما صدقا أو كذبا لا يكون إلاّ كذبا؛ لأنّ مخبره ليس على ما هو به.
و الخبر إنّما يصير خبرا بقصد المخبر؛ لأنّ الكلام و إن تقدّمت المواضعة فيه فإنّما يتعلّق بما يفيده بالقصد؛ لأنّ قول القائل: «محمّد رسول اللّه» لا يكون خبرا عنه عليه السّلام إلاّ بالقصد.
و حكاية الخبر كلفظه، و لا تكون الحكاية خبرا؛ لارتفاع القصد.
و إظهار كلمة الكفر عند الإكراه لا يكون خبرا، و لو كانت كذلك لكانت كفرا، و إنّما أبيح له إظهار كلمة الكفر تعريضا لا إخبارا.
و الخبر لا يخلو من صدق أو كذب، و لا واسطة بين الأمرين؛ لأنّ للخبر