نام کتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) نویسنده : الآصفي، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 81
وليس يطلب ذلك من الله تعالى ، ولا يرجوه ، ولا يسعى لتحصيله سعياً في الدنيا ، وإنّما يفترض أنّه يستحقّ ذلك على الله استحقاقاً !
ولا يُخفى في نفس الوقت شكّه في أن تقوم الساعة : ( وَلَئِن رّدِدتّ إِلَى رَبّي ) ، وينتهي هذا الطرف من الحوار هنا ، ويبدأ ذكر الطرف الآخر من الحوار ، وهو نموذج آخر من الشخصية يختلف عن النموذج الأوّل في مكوّناته ومنطلقاته .
فلنتأمّل في هذا الشطر الآخر من الحوار : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمّ مِن نُطْفَةٍ ثُمّ سَوّاكَ رَجُلاً ) .
وهذه أبرز نقطة تلفت النظر في هذا الحوار : فلم يسبق من صاحب الجنتين إنكار لله تعالى بالصراحة ، عدا ما سبق منه من التشكيك في أن تقوم الساعة ، فما مصدر هذه النسبة التي ينسبها إليه صاحبه المؤمن الذي يحاوره ؟ إنّ هذا الكفر هو كفر بالله تعالى في مقام التعامل ، يستبطنه الموقف العملي لصاحب الجنّتين وطريقة تعامله مع نعم الله تعالى .
إلاّ أنّ صاحب الجنّتين يحاول أن يتكتّم عليه ويخفيه ويحاول صاحبه المؤمن الذي يحاوره أن يجابهه به علانية ، ويقرَّعه به ليردعه عنه .
وهذه هي الحقيقة التي أكّدناها من قَبل ، فإنّ في كل بروز للأنا اختفاء للتوحيد في علاقة الإنسان بالله ، والمرحلة الأولى منه الشرك ، والمرحلة الأخيرة الكفر .
ولنتأمّل في البقية من هذا الحوار : ( لكِنّا هُوَ اللّهُ رَبّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبّي أَحَداً * وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِن جَنّتِكَ ) . وهذا شطرٌ آخر من الخلاف في طريقة التعامل مع الأنا من هذين النموذجين من الشخصية فإذا كان ( الأنا ) أبرز شيء في كلام المحاور الأوّل ، فإنّ ( الأنا ) هنا يختفي ، ويبرز التوحيد بشكل بارز : ( لكِنّا هُوَ اللّهُ رَبّي ) .
والفرق بين ( الأنا ) في كلام هذا وذاك هو مفتاح فهم كل من هاتين الشخصيتين وأساس الفرق بينهما : ( أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزّ نَفَراً ) ، (لكِنّا هُوَ اللّهُ رَبّي ) . وإذا كان
نام کتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) نویسنده : الآصفي، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 81