نام کتاب : مقالة في تحقيق إقامة الحدود في هذه الأعصار نویسنده : السيد الشفتي جلد : 1 صفحه : 13
التقى مع الحاجّ محمّد إبراهيم الكلباسي و كانا صديقين كريمين، درسا في معاهد النجف، و توطّدت أواصر المودّة بينهما، و بلغا مبلغ الزعامة، و سكنا في وقت واحد مدينة أصفهان، و لم تؤثّر تلك الزعامة على صفو المودّة بينهما، فلم يختلفا [1]؛ لأنّ غايتهما العمل للّه وحده و نشر و تطبيق مبادئ الإسلام، و ليس هذا بغريب؛ لأنّ المبادئ أسمى من النفوس.
قال السيّد الإمام الخميني (رحمه اللّه): «لو اجتمع جميع الأنبياء على شيء لما اختلفوا» [2].
فقره و فاقته
السيد الشفتي رجل عصامي يمتلك إرادة صلبة لا تزعزعه العواصف، و لا تثنيه الأزمات عن مسيرته، قطع الفيافي و الجبال و الوديان طلبا للعلم، فليس غريبا أن يجوع و يرتدي ملابس الفقر، فطريق العلم غير معبّد لسالكيه، فلا بدّ أن يعيش كلّ هذه المعاناة؛ ليدفع ثمن العلم الباهظ محتفظا بكرامته و إبائه ما دام يمتلك نفسا أبيّة لا تلجئه إلى دنيء الأمور و خسيسها.
فمعاناة الفقر التي رويت عنه ما هي إلّا دروس و عبر ليس فقط لطلّاب العلوم، بل لكلّ من يريد الرقيّ في سلّم المعالي.
و من يتهيّب صعود الجبال * * * يعيش أبد الدهر بين الحفر
و من لم يعانقه شوق الحياة * * * تبخّر في حرّها و اندثر
إنّ السيّد صاحب الرياض جعل له في كلّ يوم رغيفين [3].
و حكى المرحوم التنكابني: أنّه كان يحتذي نعلا بلا كعب [4]. هذا ما كان من أمره في كربلاء.
و أمّا في النجف الأشرف فالفقر ملازم له و الفاقة لا تفارقه بنحو لا يتصوّر، فقد روي عن صديقه الكلباسي أنّه وجده يوما مرميّا على الأرض، فأسعفه بوجبة طعام، فعاد إلى حاله [5].