و كان قد صنّف علماؤنا السابقون و سلفنا الصالحون (رحمهم الله) في العلوم الدينيّة كتباً و رسائل، و بذلوا جهدهم في تحقيق المسائل و تنقيح الدلائل، و كان من فضل اللّه و رحمته على هذا العبد، أن أهّله لاقتفاء آثارهم و الاستضاءة بأنوارهم، و وفّقه لتحقيقات شريفة و تقريرات لطيفة؛
[أغراض المصنّف في تأليف الكتاب و أسلوبه العلمي]
فعزمت- إن ساعدني التوفيق- أن أصنّف في كلّ من أصول الدين و الفروع و الأخلاق كتاباً مهذّب الألفاظ و المباني، منقّح المطالب و المعاني، قاصر الطرف على ما قال اللّه و الرسول، مرفوع الذيل عن بدع الأصول؛
فشرعت أوّلًا- مستعيناً باللّه- في تأليف هذا الكتاب الموسوم ب«معتصم الشيعة في أحكام الشريعة»، و أوردت فيه أصول المسائل الشرعيّة و أمّهات الأحكام الفرعيّة، مع دلائلها و مآخذها، و الاختلاف الواقع فيها بين أصحابنا الإماميّة- (رضوان اللّه عليهم)-، و وجوهه و أسبابه، على وجه يمكن أن يستنبط منها غيرها من الفروع المتجدّدة المتكرّرة للعالم بطرقه المعتبرة.
و لم أتعرّض لنوادر الفروع، بل اقتصرت على شائع الوقوع، بعبارات قريبة إلى الطباع، و تقريرات مقبولة عند الأسماع، من غير إيجاز مخلّ و لا إطناب مملّ، على سياق حسن و ترتيب مستحسن. و جعلته على مقدّمة و اثني عشر كتاباً و خاتمتين في فنّين.