و إذا نزل تقدّم، حتى نزلنا منزلا لم نجد بدّا من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب و نزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغدّى إذ أقبل رسول الحسين فسلّم، و قال: يا زهير بن القين!انّ أبا عبد اللّه الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه، قال: فطرح كلّ انسان ما في يده حتّى كانّنا على رءوسنا الطير.
فقالت له زوجته: أ يبعث إليك ابن رسول اللّه ثمّ لا تأتيه؟سبحان اللّه!لو أتيته فسمعت من كلامه!فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه، فأمر بفسطاطه و متاعه فحمل إلى الحسين، ثمّ قال لامرأته: أنت طالق. الحقي بأهلك، فانّي لا أحبّ أن يصيبك من سببي إلاّ خير، ثمّ قال لاصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني و إلاّ فانّه آخر العهد.
[و في رواية: من أحبّ منكم الشهادة فليقم و من كرهها فليتقدّم] [1] . انّي سأحدّثكم حديثا، غزونا بلنجر؛ ففتح اللّه علينا و أصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي: أ فرحتم بما فتح اللّه عليكم و أصبتم من المغانم؟فقلنا: نعم.
فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمّد-و في رواية: سيد شباب أهل محمّد [2] - فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم بما اصبتم من الغنائم، فاما أنا فاستودعكم اللّه [3] . فقالت له زوجته: خار اللّه لك، و أسألك أن تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين (ع) .
[1] الأخبار الطوال ص 246-247، و أنساب الأشراف ص 168.
[3] نقلنا الرواية من الطبري 6/224-225، و سلمان المذكور في الخبر هو ابن ربيعة الباهلي أرسله الخليفة عثمان لغزو اران من آذربايجان ففتح كورها صلحا و حربا و قتل خلف نهر بلنجر. فتوح البلدان ص 240-241، و راجع ترجمته في أسد الغابة 2/225.