سار الإمام الحسين (ع) حتى انتهى إلى الصفاح [1] فلقيه الفرزدق بن غالب الشاعر فقال للإمام: بأبي أنت و أمي يا ابن رسول اللّه ما أعجلك عن الحجّ. فقال: لو لم أعجل لأخذت.
ثم سأل الفرزدق عن نبأ الناس خلفه فقال له الفرزدق: قلوب الناس معك و سيوفهم مع بني أمية و القضاء ينزل من السماء.
فقال له الحسين: صدقت، للّه الأمر، و اللّه يفعل ما يشاء، و كلّ يوم ربّنا في شأن ان نزل القضاء بما نحبّ فنحمد اللّه على نعمائه، و هو المستعان على اداء الشكر و ان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته، و التقوى سريرته، ثم حرّك الحسين راحلته فقال: السلام عليك [2] .
و لمّا بلغ الحاجر أرسل إلى أهل الكوفة بكتاب يخبرهم فيه انه خرج من مكة يوم التروية متجها إليهم [3] .
و في بعض المياه التقى بعبد اللّه بن مطيع العدوي فقال ابن مطيع:
بأبي أنت و أمي يا ابن رسول اللّه ما أقدمك؟فأخبره الحسين بخبره فقال ابن مطيع: أذكّرك اللّه يا ابن رسول اللّه و حرمة الإسلام أن تنتهك، أنشدك اللّه في حرمة رسول اللّه (ص) ، أنشدك اللّه في حرمة العرب، فو اللّه لئن طلبت ما
[1] الصفاح بين حنين و أنصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكة.
[2] الطبري 6/218، و ابن الاثير 4/16، و ارشاد المفيد ص 201، و ابن كثير 8/167، و أنساب الأشراف ص 165-166.
[3] الطبري 6/223-224، و الأخبار الطوال للدينوري ص 245، و كان الحاجر ببطن الرمة، و يجتمع فيه أهل الكوفة و البصرة بطريق مكة-مادة الحاجر و بطن الرمة بمعجم البلدان، و راجع أنساب الأشراف ص 166.
[4] عبد اللّه بن مطيع بن الأسود العدوي المدني، له رؤية، و كان رأس قريش يوم الحرة، و أمّره ابن الزبير على الكوفة ثمّ قتل معه سنة ثلاث و سبعين. أخرج حديثه البخاري و مسلم. تقريب التهذيب 1/452.