أعلن الإمام عن سبيله هذا، و رفع شعاره ذلك، مرّة بعد أخرى، و في منزل بعد منزل. فقد قال في جواب ابن عمر:
يا عبد اللّه!أ ما علمت أنّ من هوان الدنيا على اللّه أنّ رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغيّ من بغايا بني اسرائيل... : فلم يعجّل اللّه عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر!ثمّ يقول له: اتّق اللّه، يا أبا عبد الرحمن و لا تدعنّ نصرتي.
كأنّ الإمام يشير في حديثه إلى أنّ شأنه شأن يحيى و يدعو ابن عمر إلى نصره في ما اختار لنفسه من سبيل.
و قال الإمام في خطبته عند توجّهه إلى العراق:
خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، و قد خير لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء، فيملأن منّي أكراشا جوفا، و أحوية سغبا، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضا اللّه رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفّينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول اللّه لحمته، و هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقرّبهم عينه و ينجز بهم وعده.
من كان باذلا فينا مهجته، و موطنا على لقاء اللّه نفسه فليرحل معنا...
و ما نزل الإمام منزلا و لا ارتحل منه إلاّ ذكر يحيى بن زكريا و مقتله [2]
لبّى الإمام نداء أهل الكوفة اتماما للحجّة:
كان الإمام يعلم بالبداهة و بحسب حكم طبائع الأشياء، و مع صرف