اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا و خلقا و منطقا برسولك محمّد (ص) و كنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، اللهمّ فامنعهم بركات الأرض، و فرقهم تفريقا و مزّقهم تمزيقا، و اجعلهم طرائق قددا، و لا ترض الولاة عنهم أبدا، فانّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدوا علينا يقاتلونا.
ثمّ صاح بعمر بن سعد: مالك قطع اللّه رحمك، و لا بارك لك في أمرك و سلّط عليك من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي و لم تحفظ قرابتي من رسول اللّه. ثمّ رفع صوته و قرأ: إِنَّ اَللََّهَ اِصْطَفىََ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرََاهِيمَ وَ آلَ عِمْرََانَ عَلَى اَلْعََالَمِينَ `ذُرِّيَّةً بَعْضُهََا مِنْ بَعْضٍ وَ اَللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .
و حمل علي بن الحسين و هو يقول:
أنا علي بن الحسين بن عليّ # نحن و بيت اللّه أولى بالنبي
و اللّه لا يحكم فينا ابن الدعيّ # أطعنكم بالرمح حتّى ينثني
أضربكم بالسيف حتّى يلتوي # ضرب غلام هاشميّ علويّ
فلم يزل يقاتل حتى ضجّ أهل الكوفة، ثمّ رجع إلى أبيه و قد أصابته جراحات كثيرة، فقال: يا أبة!العطش قد قتلني و ثقل الحديد أجهدني، فهل الى شربة من ماء سبيل أتقوّى بها على الاعداء؟فبكى الحسين و قال:
يا بنيّ عزّ على محمّد، و على عليّ، و على أبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك و تستغيث بهم فلا يغيثونك. و دفع إليه خاتمه، و قال له: خذ هذا الخاتم في فيك و ارجع إلى قتال عدوّك، فانّي لارجو أن لا تمسي حتّى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا، فرجع علي بن الحسين إلى القتال و حمل و هو يقول: