و لمّا دفن قام أخوه محمّد بن الحنفيّة على قبره و قال: رحمك اللّه أبا محمّد فو اللّه لئن عزّت حياتك [1] لقد هدّت وفاتك، و لنعم الروح روح غمرته بدنك، و لنعم البدن بدن تضمّنه كفنك، و كيف لا يكون ذلك، و أنت سليل الهدى، و حليف أهل التقى، و خامس أصحاب الكساء، و ابن سيّدة النساء، جدّك المصطفى، و أبوك الذائد عن الحوض غدا، ربيت في حجر الإسلام و رضعت ثدي الإيمان، و لك السوابق العظمى، و الغايات القصوى، و بك أصلح اللّه بين فئتين عظيمتين من المسلمين، و لمّ بك شعث الدين، و أنت و أخوك سيّدا شباب أهل الجنّة، فلقد طبت حيّا و ميّتا، و إن كانت أنفسنا غير طيّبة بفراقك [2].
ثمّ التفت إلى الحسين فقال: بأبي أنت و أمّي، ثمّ انتحب طويلا هو و الحسين (عليهما السلام)، ثمّ أنشد:
أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي * * * و خدّك معفور و أنت سليب
سأبكيك ما ناحت حمامة أيكة * * * و ما اخضرّ في دوح الرياض قضيب
غريب و أكناف الحجاز تحوطه * * * ألاكلّ من تحت التراب غريب [3]
[2]- نظم درر السمطين: ص 205 و فيه: روح تضمن كفنك و لنعم الكفن كفن تضمن بدنك و كيف لا تكون هكذا، تاريخ دمشق: 13/ 269، مقتل الحسين للخوارزمي: 1/ 142، مناقب ابن شهر اشوب: 4/ 45، تذكرة الخواصّ: ص 122، تهذيب الكمال: 6/ 255، تاريخ اليعقوبي: 2/ 225.
[3]- نظم درر السمطين: ص 206، و في شرح الأخبار: 3/ 133، و مناقب ال أبي طالب: 3/ 205، و مقتل الحسين: 1/ 142 نسبت الأبيات إلى الحسين (عليه السلام).