قد دل كل واحد منها على المعنى المختص به، و أنا أوضح كيفية دلالة كل واحد من تلك المعاني على الفضيلة الخالصة لعلي ((عليه السلام)) منه، فأول ذلك قوله ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)): «أنت أخي» فاعلم هداك اللّه سنن السداد أن الأخوة معنى إضافي يستحيل ثبوته لأحد الشخصين دون الآخر، فمن ضرورة كون أحدهما أخا [للآخر] أن تعمهما الأخوة و تشملهما، فيكونان في الأخوة سواء كل واحد منهما أخا لصاحبه غير أن الأخوّة لها حقيقة و لتلك الحقيقة لوازم، فإذا ذكرت اللفظة الموضوعة لتلك الحقيقة مضافة إلى شخص دلت على وجود تلك الحقيقة لذلك الشخص إن أمكن، و إن كان غير ممكن حملت تلك اللفظة على لوازم الحقيقة عملا باللفظ، و محافظة على صحته بقدر الإمكان و صيانة له عن الالغاء، و حقيقة الأخوة بين الشخصين كونهما مخلوقين من أصل واحد بغير واسطة، و هذه الحقيقة منتفية هاهنا، فإن النبي ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) مخلوق من عبد اللّه و آمنة، و علي ((عليه السلام)) مخلوق من أبي طالب و فاطمة بنت أسد، فتعين صرف اللفظ إلى لوازم الحقيقة، و حمله على تلك اللوازم، و لوازم حقيقة الأخوّة المناصرة و المعاضدة و الإشفاق و تحمل المشاق، فيصير معنى قوله: أنت أخي في الدنيا و الآخرة، انني ناصرك و عضدك و مشفق عليك و معتن بك.
و قد أشار النبي ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) إلى كون المناصرة من لوازم الأخوة بقوله ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) في الحديث الصحيح: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال السامع: انصره مظلوما فكيف أنصره ظالما، قال: «تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه» فجعل [النبي] ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) النصرة من لوازم الإخوة.
ثم إنه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) لما آخى بين أصحابه كان ذلك مطلوبه و مقصوده، فعقد الأخوة بين اثنين اثنين منهم حثا على التناصر و التعاضد و جعل كل واحد مؤاخيا لمن تقرب منه درجته في