و منها في بعض أيامها و قد تقاتل الجيشان و عمرو بن العاص في جيش أهل الشام فتبعه عمرو مرتجزا:
يا قادة الكوفة من أهل الفتن * * * اضربكم و لا أرى أبا الحسن
فرجع ((عليه السلام)) و هو يقول:
أبو حسين فاعلمن و الحسن * * * جاءك يقتاد العنان و الرسن
فعرفه عمرو فولى راكضا فلحقه علي فطعنه طعنة وقع الرمح في فضول درعه فسقط إلى الأرض، و خشي أن يقتله علي فرفع رجليه فبدت سوأته فصرف علي وجهه و انصرف إلى عسكره.
و أقبل عمرو إلى معاوية فجعل معاوية يضحك من عمرو فقال له عمرو: مم تضحك و اللّه لو بدا لعلي من صفحتك ما بدا له من صفحتي إذا لأوجع قذالك و أيتم عيالك و أنهب مالك، فقال له معاوية: لو كنت تحتمل مزاحا مازحتك، فقال عمرو: ما أحملني للمزاح و لكن إن كان رجلا لقي رجلا فصد عنه و لم يقتله أقطرت السماء دما؟ فقال معاوية: لا و لكنها تعقب فضيحة الأبد و جبنا، أما و اللّه لو عرفته ما أقدمت عليه.
و كان من فرسان معاوية فارس مشهور مشهود له بالشجاعة يقال له بسر بن ارطاة، فلما سمع أن عليا ((عليه السلام)) يطلب مبارزة معاوية و معاوية يتمنع و لا يعرض نفسه لها قال: قد عزمت على مبارزة علي ((عليه السلام)) فلعلي اقتله فاذهب بشهرته في العرب إلى آخر الدهر و شاور غلاما له يقال له لاحق فقال له لاحق: إن كنت واثقا من نفسك فافعل و إلا فلا تبرز إليه فإنه و اللّه الشجاع المطرق:
فانت له يا بسم إن كنت مثله * * * و إلا فإن الليث للضبع آكل
متى تلقاه فالموت في رأس رمحه * * * و في سيفه شغل لنفسك شاغل
فقال بسر: ويحك هل هو إلا الموت و لا بد من لقاء اللّه على كل