و لصاحب الكشّاف في هذا المقام كلام جيّد، و هذا لفظة: قالوا في هذا دليل على أنّ الفاسق لا يصلح للإمامة، و كيف يصلح لها من لا يجوز حكمه و شهادته و لا تجب طاعته و لا يقبل خبره و لا يقدم للصّلاة، و كان أبو حنيفة يفتي سرّا بوجوب نصرة زيد بن علي (عليه السلام) و حمل المال اليه، و الخروج على اللصّ المتغلّب المسمّى بالإمام و الخليفة كالدّوانيقي و أشباهه، قالت له امرأة:
أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم و محمّد ابني عبد اللّه بن الحسن حتّى قتل قال: ليتني مكان ابنك، و كان يقول في المنصور و أشياعه: لو أرادوا بناء مسجد و أرادوني على عدّ آجره لما فعلت، و عن ابن عيينة لا يكون الظّالم اماما قطّ، و كيف يجوز نصب الظّالم للإمامة و الامام إنّما هو لكفّ الظلمة، فإذا نصب
غير علي، فلا يصلح للإمامة غيره، فتعيّن هو.
قوله: قبل البعثة و هذا خلاف مذهب الأشاعرة، و البيضاوي منهم، فإنّهم قالوا: لا يمتنع عقلا على الأنبياء قبل الرسالة ذنب من كبيرة أو صغيرة، و لذلك قال الشيخ المصنّف (قدّس سرّه):
إنّ البيضاوي نطق هنا بالحقّ.
و لكن يرد عليه أنّ الأولى أن يقول: و لو قبل البعثة، لأنّ ترك كلمة «لو» يوهم أنّ الآية لا تدلّ على عصمتهم من الكبائر حال البعثة، و هي تدلّ على وجوب عصمتهم مطلقا من الذنوب مطلقا.
و أيضا فإنّهم اتّفقوا على أنّ المشتقّ عند وجود معنى المشتق منه حقيقة، فالظالم حين اتّصافه بالظلم لا تناله الإمامة البتّة، فدلالة الآية على عصمتهم وقت البعثة أولى منها عليها قبلها، و لعلّه خصّ قبل البعثة بالذكر، لأنّ حال البعثة لا نزاع لهم فيها، فتأمّل.