أقرض العميل البنك مليون دينار عراقي، أو تومان ايراني، أو روبية باكستانية، أو غيرها، و بعد سنة هبطت قوتها الشرائية إلى النصف نتيجة التضخم، فهل يلزم البنك بالمليون نفسه لا أكثر و لا أقل، أو يلزم بقدر قوة المليون الشرائية حين القرض، التي هي بقدر مليونين حين الوفاء. و لا يبعد كون ذلك هو المراد في السؤال، لشيوع الابتلاء به و كثرة الحديث عنه هذه الأيام.
و الظاهر في الجواب على ذلك: أن البنك ملزم بقدر النقد المدفوع من دون نظر لقوته الشرائية، و كذا الحال في كل مدين، لابتناء الدين في النقد و في كل شيء على دفع العين و الضمان بمثلها، من دون نظر للقيمة و المالية.
فإن القيمة و المالية تختلف في الأشياء باختلاف الزمان، و المكان، و المؤثرات الأخرى، فغالب الأشياء المتمولة أو كلها تختلف قيمتها باختلاف فصول السنة، بل باختلاف الأيام و الساعات، و باختلاف الأماكن المطلوبة فيها، فهي في مناشئ حصولهابزراعة أو صناعةأقل قيمة منها في أماكن أخرى لا تتحصل فيها، بل تنتقل إليها من غيرها. بل قد تختلف باختلاف الأسواق و المحلات.
كما قد تتأثر بأمور أخرى، كورود الزائرين و السياح الذين يطلبونها، و تعرضها للضرر أو التلف يخزنها لتقلبات الجوّ من حرّ أو مطر أو غيرهما، بل حتى مثل انقطاع التيار الكهربائي أو ارتفاع سعره ... إلى غير ذلك.