لكنه لا يناسب إطلاق النصوص المذكورة، حيث تضمن بعضها مبادرته بالضرب و القتل، كما تقدم. و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام. و قال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال. و من دمر على مؤمن بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة ...»[1].
و دمر من الدمور، و المتيقن منه هجوم الإنسان على غيره في بيته يريد به الشرّ، و نحوه غيره. حيث يظهر من جميع ذلك سقوط حرمته رأسا و هدر دمه بعدوانه، و لا ملزم مع ذلك بالتدرج.
هذا و لو تعطل المهاجمبضرب المدافع، أو بترديه في بئر، أو بأخذ سلاحه، أو نحو ذلكفلا يبعد حرمة التعدي عليه بعد ذلك، فضلا عن الإجهاز عليه. لانصراف النصوص المتقدمة إلى صورة مهاجمته و محاولته العدوان. و أما البقاء في الدار فهو و إن كان عدوانا، إلا أنه يستند لإقدامه على الدخول، لا لبقائه في الدار لفرض عجزه بتعطيله.
نعم، لو كان يستطيع الخروج مع تعطيله عن العدوان، فأصرّ على البقاء، فالظاهر جواز دفعه و إن أدى إلى قتله، لإطلاق مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قال: من بدأ فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له»[2].
لكن المتيقن من ذلك ما إذا كان القتل من أجل منع الاعتداء في محاولة دفعه و اخراجه عن الدار، لا بنحو يقتضي هدر دمه بحيث يجوز قتله
[1] وسائل الشيعة ج: 19 باب: 25 من أبواب القصاص في النفس حديث: 2.
[2] وسائل الشيعة ج: 19 باب: 22 من أبواب القصاص في النفس حديث: 1.