responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 81

العمر، و من كان في عيشه ضيق و قلّة و إمساك على نفسه و ذويه فالمقبور أحيا منه، و من عمل لبطنه و قنع و ترك ما سوى ذلك عدّ من البهائم. قال كليلة: قد فهمت ما قلت فراجع عقلك و اعلم أنّ لكلّ إنسان منزلة و قدرا فإن كان في منزلته التي هو فيها متماسكا كان حقيقا أن يقنع، و ليس لنا من المنزلة ما يحطّ حالنا التي نحن عليها، قال دمنة: إنّ المنازل متنازعة مشتركة على قدر المروءة فالمرء ترفعه مروءته من المنزلة الوضيعة إلى المنزلة الرفيعة، و من لا مروءة له يحطّ نفسه من المنزلة الرّفيعة إلى المنزلة الوضيعة، و إنّ الارتفاع إلى المنزلة الشريفة شديد و الانحطاط منها هيّن كالحجر الثقيل، رفعه من الأرض إلى العاتق عسر و وضعه إلى الأرض هيّن، فنحن أحقّ أن نروم ما فوقنا من المنازل و أن نلتمس ذلك بمروءتنا ثم كيف نقنع بمنزلتنا و نحن نستطيع التخوّل عنها، قال كليلة: فما الذي اجتمع عليه رأيك؟قال دمنة: أريد أن أتعرّض للأسد عند هذه الفرصة لأنه قد ظهر لي أنّه ضعيف الرّأي و لعلّي على هذه الحال أدنو منه فأصيب عنده منزلة و مكانة، قال كليلة: و ما يدريك أنّ الأسد قد التبس عليه أمره، قال دمنة: بالحسّ و الرّأي أعلم ذلك منه فإنّ الرّجل ذا الرأي يعرف حال صاحبه و باطن أمره بما يظهر له من دلّه و شكله، قال كليلة: فكيف ترجو المنزلة عند الأسد و لست بصاحب السّلطان و لا لك علم بخدمة السّلاطين، قال دمنة: الرّجل الشديد القويّ لا يعجزه الحمل الثقيل و إن لم تكن عادته الحمل، و الرّجل الضعيف لا يستقلّ به‌ [1] و إن كان ذلك من صناعته، قال كليلة: فإنّ السّلطان لا يتوخّى‌ [2] بكرامته فضلاء من بحضرته و لكنه يؤثر [3] الأدنى و من قرب منه، و يقال إنّ مثل السّلطان في ذلك مثل شجر الكرم الذي لا يتعلّق بأكرم الشّجر إنّما يتعلّق بمن دنا منه، و كيف ترجو المنزلة عند الأسد و لست تدنو منه.


[1] لا يستقل به: أي لا يحمله و لا يرفعه.

[2] يتوخى: يتحرى و يقصد.

[3] يؤثر: يفضل.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست