responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 57

يجملان‌ [1] بكلّ أحد: أحدهما النّسك و الآخر المال، و قد يقال في أمرين إنّهما لا يجملان بأحد: الملك أن يشارك في ملكه، و الرّجل أن يشارك في زوجه، فالخلتان الأوليان مثلهما مثل النّار الّتي تحرق كلّ حطب يقذف فيها، و الخلتان الأخريان كالماء و النّار اللّذين لا يمكن اجتماعهما و ليس ينبغي للعاقل أن يغبط أحدا ساق اللّه إليه صنعا و قد كان راجيا منه غير ذلك.

و من أمثال هذا أنّ رجلا كان به فاقة و جوع و عري فألجأه ذلك إلى أن سأل من أقاربه و أصدقائه فلم يكن عند أحد منهم فضل يعود به عليه، فبينما هو ذات ليلة في منزله إذ بصر بسارق فيه فقال: و اللّه ما في منزلي شي‌ء أخاف عليه فليجهد السّارق جهده، فبينما السّارق يجول إذ وقعت يده على خابية فيها حنطة فقال السارق: و اللّه ما أحبّ أن يكون عنائي اللّيلة باطلا و لعلّي لا أصل إلى موضع آخر و لكن سأحمل هذه الحنطة، فقال الرّجل: يذهب هذا بالحنطة و ليس ورائي سواها فيجتمع عليّ مع العري ذهاب ما كنت أقتات به و ما تجتمع و اللّه هاتان الخلّتان على أحد إلاّ أهلكتاه، ثم صاح بالسّارق و أخذ هراوة [2] كانت عند رأسه فلم يكن للسّارق حيلة إلاّ الهرب منه و ترك قميصه و نجا بنفسه و غدا الرّجل به كاسيا.

و لا ينبغي للعاقل أن يركن إلى مثل هذا و يدع ما يجب عليه من الحذر و العمل لصلاح معاشه، و لا ينظر إلى من تؤاتيه‌ [3] المقادير و تساعده على غير التماس منه فإنّ أولئك في النّاس قليل، و الجمهور منهم من أتعب نفسه في الكدّ و السّعي فيما يصلح أمره و ينال به ما أراد و ينبغي أن يكون حرصه على ما طاب كسبه و حسن نفعه و لا يتعرّض لما يجلب عليه العناء فيكون كالحمامة التي تفرخ الفراخ فتؤخذ و تذبح ثم لا يمنعها ذلك من أن تعود فتفرخ موضعها و تقيم بمكانها فتؤخذ الثانية من فراخها فتذبح حتى تؤخذ هي


[1] يجملان: يحسنان...

[2] الهراوة: بالكسر العصا الضخمة.

[3] تؤاتيه: توافقه.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست