نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 232
حقّقت ظنّنا بك و رجاءنا لك و قد عرفنا ما ذكرت و صدّقناك فيما وصفت، و الذي ساق اللّه إليك من الملك و الكرامة كنت أهلا له لما قسم اللّه تعالى لك من العقل و الرّأي.
و إنّ أسعد النّاس في الدّنيا و الآخرة من رزقه اللّه رأيا و عقلا، و قد أحسن اللّه إلينا إذ وفّقك لنا عند موت ملكنا و كرّمنا بك، ثمّ قام شيخ آخر سائح فحمد اللّه عزّ و جلّ و أثنى عليه و قال: إنّي كنت أخدم و أنا غلام قبل أن أكون سائحا رجلا من أشراف النّاس، فلمّا بدا لي رفض الدّنيا فارقت ذلك الرّجل و قد كان أعطاني من أجرتي دينارين فأردت أن أتصدّق بأحدهما و أستبقي الآخر فأتيت السّوق فوجدت مع رجل من الصّيّادين زوج هدهد فساومته فيهما فأبى الصيّاد أن يبيعهما إلاّ بدينارين فاجتهدت أن يبيعنيهما بدينار واحد فأبى. فقلت في نفسي: أشتري أحدهما و اترك الآخر، ثمّ فكّرت و قلت لعلّهما يكونان زوجين ذكرا و أنثى فأفرّق بينهما، فأدركني لهما رحمة فتوكّلت على اللّه و ابتعتهما بدينارين و أشفقت [1] إن أرسلتهما في أرض عامرة أن يصادا و لا يستطيعا أن يطيرا ممّا لقيا من الجوع و الهزال [2] و لم آمن عليهما الآفات فانطلقت بهما إلى مكان كثير المرعى و الأشجار بعيد عن النّاس و العمران فأرسلتهما فطارا و وقعا على شجرة مثمرة، فلمّا صارا في أعلاه شكرا إليّ و سمعت أحدهما يقول للآخر: لقد خلّصنا هذا السّائح من البلاء الذي كنّا فيه و استنقذنا و نجّانا من الهلكة و إنّا لخليقان [3] أن نكافئه بفعله، و إنّ في أصل هذه الشّجرة جرّة مملوءة دنانير أ فلا ندلّه عليها فيأخذها.
فقلت لهما: كيف تدلاّني على كنز لم تره العيون و أنتما لم تبصرا الشّبكة؟ فقالا: إنّ القضاء إذا نزل صرف العيون عن موضع الشّيء و غشّى على البصر، و إنّما