نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 223
باب السائح و الصائغ
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: قد سمعت هذا المثل فاضرب لي مثل الذي يضع المعروف في غير موضعه و يرجو الشّكر عليه.
قال الفيلسوف: أيّها الملك إنّ طبائع الخلق مختلفة و ليس ممّا خلقه اللّه في الدّنيا ممّا يمشي على أربع أو على رجلين أو يطير بجناحين شيء هو أفضل من الإنسان، و لكن من النّاس البرّ و الفاجر، و قد يكون في بعض البهائم و السّباع و الطّير ما هو أوفى منه ذمّة و أشدّ محاماة على حرمه و أشكر للمعروف و أقوم به، و حينئذ يجب على ذوي العقل من الملوك و غيرهم أن يضعوا معروفهم مواضعه و لا يضيّعوه عند من لا يحتمله و لا يقوم بشكره، و لا يصطنعون أحدا إلاّ بعد الخبرة بطرائقه و المعرفة بوفائه و مودّته و شكره، و لا ينبغي أن يختصّوا بذلك قريبا لقرابته إذا كان غير محتمل للصّنيعة، و لا أن يمنعوا معروفهم و رفدهم [1] للبعيد إذا كان يقيهم بنفسه و ما يقدر عليه لأنّه يكون حينئذ عارفا بحقّ ما اصطنع إليه مؤديا لشكر ما أنعم عليه محمودا بالنّصح معروفا بالخير، صدوقا عارفا مؤثرا لحميد الفعال و القول، و كذلك كلّ من عرف بالخصال المحمودة و وثق منه بها كان للمعروف موضعا و لتقريبه و اصطناعه أهلا.
فإنّ الطّبيب الرّفيق العاقل لا يقدر على مداواة المريض إلاّ بعد النّظر إليه