نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 211
أيها الملك المحمود، و ما الذي سمعت من البراهمة فإني أراك محزونا فأعلمني ما بك فقد ينبغي لنا أن نحزن معك و نؤاسيك بأنفسنا. فقال الملك: أيّتها المرأة لا تسأليني عن أمري فتزيديني غمّا و حزنا فإنه أمر لا ينبغي أن تسأليني عنه، قالت: أو قد نزلت عندك منزلة من يستحقّ هذا، إنّما أحمد النّاس عقلا من إذا نزلت به النّازلات كان لنفسه أشدّ ضبطا و أكثرهم استماعا من أهل النّصح حتى ينجو من تلك النازلة بالحيلة و العقل و البحث و المشاورة فعظيم الذّنب لا يقنط [1] من الرّحمة، و لا تدخلنّ عليك شيئا من الهمّ و الحزن فانّهما لا يردّان شيئا مقضيّا إلاّ أنّهما ينحلان الجسم و يشفيان العدوّ. قال لها الملك: لا تسأليني عن شيء فقد شققت عليّ [2] و الذي تسألين عنه لا خير فيه لأنّ عاقبته هلاكي و هلاكك و هلاك كثير من أهل مملكتي و من هو عديل نفسي، و ذاك أنّ البراهمة زعموا أنه لا بدّ من قتلك و قتل كثير من أهل مودّتي و لا خير في العيش بعدكم و هل أحد يسمع بهذا إلاّ اعتراه الحزن.
فلمّا سمعت ذلك إيراخت جزعت [3] و منعها عقلها أن تظهر للملك جزعا فقالت: أيّها الملك لا تجزع فنحن لك الفداء و لك في سواي و مثلي من الجواري ما تقرّ به عينك، و لكني أطلب منك أيّها الملك حاجة يحملني على طلبها حبّي لك و إيثاري إيّاك و هي نصيحتي لك. قال الملك: و ما هي؟قالت: أطلب منك أن لا تثق بعدها بأحد من البراهمة و لا تشاورهم في أمر حتى تتثبّت في أمرك ثمّ تشاور فيه ثقاتك مرارا فإنّ القتل أمر عظيم و لست تقدر على أن تحيي من قتلت، و قد قيل في الحديث: إذا لقيت جوهرا لا خير فيه فلا تلقه من يدك حتى تريه من يعرفه، و أنت أيّها الملك لا تعرف أعداءك، و اعلم أنّ البراهمة لا يحبّونك، و قد قتلت منهم بالأمس اثني عشر ألفا، و لا تظنّ أنّ هؤلاء ليسوا من أولئك.