responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 138

الشّمس و القمر إذا قضي ذلك عليهما، ثمّ إنّ الجرذ أخذ في قرض العقد الذي فيه المطوّقة فقالت له المطوّقة: ابدأ بقطع عقد سائر الحمام و بعد ذلك أقبل على عقدي. فأعادت ذلك عليه مرارا و هو لا يلتفت إلى قولها، فلمّا أكثرت عليه القول و كرّرت قال لها: لقد كرّرت القول عليّ كأنّك ليس لك في نفسك حاجة و لا لك عليها شفقة و لا ترعين لها حقّا، قالت: إني أخاف إن أنت بدأت بقطع عقدي أن تملّ و تكسل عن قطع ما بقي، و عرفت أنّك إن بدأت بهنّ قبلي و كنت أنا الأخيرة لم ترض و إن أدركك الفتور أن أبقى في الشّرك، قال الجرذ: هذا ممّا يزيد الرّغبة فيك و المودّة لك، ثمّ إنّ الجرذ أخذ في قرض الشبكة [1] حتى فرغ منها، فانطلقت المطوّقة و حمامها معها.

فلمّا رأى الغراب صنع الجرذ رغب في مصادقته فجاء و ناداه باسمه فأخرج الجرذ رأسه فقال له: ما حاجتك؟قال: إنّي أريد مصادقتك. قال الجرذ: ليس بيني و بينك تواصل و إنّما العاقل ينبغي له أن يلتمس ما يجد إليه سبيلا و يترك التماس ما ليس إليه سبيل، فما أنت إلاّ آكل و أنا طعام لك. قال الغراب: إنّ أكلي إيّاك و إن كنت لي طعاما ممّا لا يغني عني شيئا، و إنّ مودّتك آنس لي ممّا ذكرت، و لست بحقيق إذا جئت أطلب مودّتك أن تردّني خائبا، فإنه قد ظهر لي منك من حسن الخلق ما رغّبني فيك، و إن لم تكن تلتمس إظهار ذلك فإنّ العاقل لا يخفى فضله و إن هو أخفاه كالمسك الذي يكتم ثم لا يمنعه ذلك من النّشر الطيّب و الأرج الفائح‌ [2] . ثمّ قال الجرذ: إنّ أشدّ العداوة عداوة الجوهر و هي عداوتان منها ما هو متكافئ كعداوة الفيل و الأسد، فإنه ربّما قتل الأسد الفيل أو الفيل الأسد، و منها ما قوّته من أحد الجانبين على الآخر كعداوة ما بيني و بين


[1] قرض: قطع و يقال قرض الفأر الثوب أكله.

[2] النشر: الرائحة الطيبة. و الأرج: توهج ريح الطيب.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست