نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 1 صفحه : 244
استك فوقعت هاربا من الزحف، و أنشد:
أما و أبي يا ابن الزبير لو أنّني * * * لقيتك يوم الزحف ما رمت لي سخطا
و كان أبي في طي و أبو أبي * * * صحيحين لم تنزع عروقهما القبطا
و لو رمت شتمي عند عدل قضاؤه * * * لرمت به يا بن الزبير مدى شحطا
فقال معاوية: قد كنت حذّرتكموه فأبيتم، الحديث ذو شجون (1).
و ندمت عائشة على ما وقع منها، و كانت لا تذكر يوم الجمل إلّا أظهرت أسفا و أبدت ندما و بكت.
و نقلت من ربيع الأبرار للزمخشري قال جميع بن عمير: دخلت على عائشة فقلت: من كان أحبّ الناس إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)؟ فقالت: فاطمة صلوات اللّه عليها، قلت لها: إنّما أسألك عن الرجال؟ قالت: زوجها، و ما يمنعه فو اللّه إنّه كان لصوّاما قوّاما، و لقد سالت نفس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في يده فردّها إلى فيه، قلت: فما حملك على ما كان؟ فأرسلت خمارها على وجهها و بكت و قالت: أمر قضى عليّ.
و روى أنّه قيل لها قبل موتها: أ ندفنك عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)؟ فقالت: لا إنّي أحدثت بعده.
و الحال في حرب أصحاب الجمل معروفة تحتمل الإطالة فاقتصرت منها على هذا القدر.
و كانت حروبه (عليه السلام) مشكلة على من لم يؤت نور البصيرة، فقعد عنه قوم و شك فيه آخرون، و ما فيهم إلّا من عرف أنّ الحق معه و ندم على التخلف عنه، و كيف لا يكون الحق معه و الصواب فيما رواه و الرشد فيما أتاه، و أدعية النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قد سبقت له، اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، و أدر الحق مع عليّ كيف دار، و إذا كان دعاء النبي مستجابا لزم أنّ وليّ عليّ وليّ اللّه، و أولياؤه مؤمنون، و عدوّ عليّ عدوّ اللّه، و أعداؤه كافرون، و إنّ ناصره منصور و خاذله مخذول، و إنّ الحقّ يدور معه و يتصرّف بتصرّفه و لا يفارقه و لا يزايله، فكلّما فعله كان فيه مصيبا، و من خالفه في أمر أو نابذه في حال أو منعه شيئا يريده أو حمله على ما يكرهه
(1) الشجون جمع الشجن: الشعبة من كلّ شيء و الحديث ذو شجون أي فنون متشعبة تأخذ منه في طرف فلا تلبث حتّى تكون في آخر و يعرض لك منه ما لم تكن تقصده.
نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 1 صفحه : 244