و هيّج من أشواقنا كل كامن * * * تلبّد في قلب كتوم الأسرار
و أمطرنا ماء الجفون صبابة * * * و أجّج في أحشائنا لاهب النّار
ألا يا لييلات الغوير و حاجر * * * نعمت كأيام الشباب بأنضار
و يا روضة بالناظرات نديّة * * * سقيت بهام [1] مدمن المزن مدرار
و يا جيرة بالمأزمين خيامهم * * * رعيتم، و ان ضيعتم حرمة الجار
و يا ساكني دار السلام تحية * * * عليكم سلام اللّه من نازح الدّار
خليليّ! مالي و الزمان كأنما * * * علي له، مالي عليه من الثّار
يماطلني حقي، يجاهد حجّتي * * * يطالبني في كل آن بأوطار
فأبعد أحبابي، و أخلى مرابعي * * * و زحزح عوّادى، و بدّد أنصاري
و أ وحشى أنسي بالعذيب و أهله * * * و أبدلني من كل صفو بأكدار
و عادل بي من كان أقصى مرامه * * * توسد اعتابي، و تقفو آثاري
و يبخس في سوق الفخار نصيبه * * * من المجد أن يسمو الى عشر معشاري
و أظهر أنّي مثلهم يستفزّنى * * * تقلب أحوال الزمان بأطوار
فيحزننى طورا و طورا يسرّني * * * صروف الليالي باحتلاء و امرار
الى ان يقول:
أ أضرع للبلوى و أغضّ على القذى * * * و أسلم نفسا للهضيمة و العار
و يخفق قلبي ان دهتنى ملمّة * * * فأرضى بما برضى به كل خوّار [2]
اذا لا ورى زندي و لا عزّ جانبى * * * و لا وفد المستمنحون الى داري
و لا أشرقت شمسي على أفق العلى * * * و لا بزغت في قمة المجد أقمار
و لا بلّ كفيّ بالسماح و لا سرت * * * ركاب الكرام المقترين الى ناري
و لا عبقت كالعود في كل مربع * * * بطيب أحاديثي الركاب أخباري
[1] الدمع
[2] خوار العنان: سهل المعطف و الانقياد سريع الجرى