(اعلم) أن السيد الجزائري (عليه الرحمة) بالرغم من أنه كانت له موانع و آفات كثيرة عن التصنيف و التأليف، كضيق المعيشة في أوائل عمره الشريف و حوادث الحرب في جزائر البصرة، و احتراق الكتب في المدرسة التي سكن فيها في شيراز، و الأمراض الشديدة التي عاناها، و صدمة موت أخيه التي قاساها و لم ينسها طيلة عمره.
و أضف على ذلك تلك الأثقال الهامّة، و الأشغال العامّة التي احتملها على عاتقه حينما صار مرجعا عاما للعباد، و حاز منصب «شيخ الإسلام» في البلاد، فابتلي بامامة الجمعة و الجماعات، و ارشاد الناس، و التدريس، و تربية الطلّاب ساعات، و نشر الأحكام، و ترويج الإسلام، و حج بيت اللّه الحرام، و الرحلات المتكررة الى مراقد الأئمة (عليهم السلام) ...
مع هذا كله فقد أتاح له التوفيق أن يصدر من مساعيه الكريمة تلك الآثار العظيمة، التى تندهش العقول من براعتها، و يتحير الفحول من مطالعتها تبلغ عددها الى خمسين كتابا و نيّفا، كلها آيات اخلاصه و علو همته، و تذكار مشقّاته و تواصل زحماته، و هكذا يساعد التوفيق من كان سالكا أحسن الطريق، كما قال العزيز: «وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا».
و من هذه الجهة كان مشابها لأستاذه الفذّ العلامة المجلسي (رحمه اللّه) مع أنه كانت بينهما فوارق عديدة، منها:
(الألف) يسر العلامة المجلسي من حيث المال من بداية عمره الشريف الى نهايته، و عسر السيد الجزائري المستولي على أكثر عمره.
(ب) وجود ذلك الوالد الكريم (المجلسي الأول) مع علمه الجمّ لتربيته و فقدان مثله للسيد.
(ج) احتفافه بالتلامذة الفخام، و العلماء العظام، الذين قاموا لنصرته في