- فعالة مختارة في جميع أعمالها و أفعالها فوض هذا الاختيار المطلق إليها خالقها و أنه أعطاها هذه القوة العالية النافذة فرتق الأمور و فتقها بيده و هو العاطل عن كل شيء. تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
و استدلوا على أنها أحياء بوجهين:
(الأول): أنه لا شك في كون الحياة اشرف من الجماد. فكيف يحسن في الحكمة البالغة الإلهية خلق الحياة في الأجسام الخسيسة مثل أبدان الديدان و الخنافس، و إخلاء هذه الأجرام الشريفة النورانية الروحانية عن الحياة.
(الثاني): أن الأفلاك و الكواكب متحركة بالاستدارة، فحركتها أما أن تكون طبيعية، أو قسرية، أو ارادية.
أما الطبيعية فلا، لأن المهروب عنه بالطبع لا يكون بعينه مطلوبا بالطبع، و كل نقطة فرضنا الفلك متحركا عنها، فإن حركته عنها هي عين حركته إليها فيستحيل كون تلك الحركة طبيعية.
و إما القسرية أيضا فلا، لأن الحركة القسرية تكون على خلاف الطبيعة، فالطبيعية لما بطلت بطل كون الحركة قسرية، فلما بطل القسمان ثبت الثالث: و هو أن حركة الأفلاك و الكواكب ارادية. فتثبت أن الأفلاك و الكواكب أجرام حية عاقلة.
ثم إن الوقوف على الطبائع العلوية و السفلية مما لا يفي به وسع البشر و طاقة النفس الناطقة، لوجوه أربعة:
(أولها): أنه لا سبيل الى إثبات الكواكب إلا بواسطة القوة الباصرة، و لا ارتياب أنها عن ادراك الصغير من البعيد قاصرة، فإن أصغر كوكب مما في القدر السابع من الفلك الثامن و هو الذي يمتحن به حدة-