نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 29
يستنشق كل الهواء ، فإنَّ الرئة لا تسعه وإن اشتهاه ، ولا يسعه أن يأكل من المواد الغذائية إلاَّ إلى حدٍّ ، فإنَّ جهاز الهاضمة لا يتحمَّله ، فهذا حاله بقياس بعض قواه وأعضائه إلى بعض ، وأمَّا بالنسبة إلى إنسان آخر مثله ، فإذا كان لا شريك له في ما يستفيد منه من المادّة على الفرض ، فلا سبب هناك يقتضي تضييق ميدان عمله ، ولا تحديد فعل من أفعاله وعمل من أعماله .
وهذا بخلاف الإنسان الواقع في ظرف الاجتماع وساحته ، فإنه لو كان مطلق العنان في إرادته وأعماله لأدّى ذلك إلى التمانع والتزاحم ، الذي فيه فساد العيش وهلاك النوع ، وقد بيّنا ذلك في مباحث النبوّة السابقة أوفى بيان .
وهذا هو السبب الوحيد الذي يدعو إلى حكومة القانون الجاري في المجتمع ، غير أنَّ المجتمعات الهمجيّة لا تتنبّه لوضعها عن فكر ورويَّة ، وإنَّما يكون الآداب والسُّنن فيها المشاجرات والمنازعات المتوفِّرة بين أفرادها ، فتضطرُّ الجميع إلى رعاية أُمور تحفظ مجتمعهم بعض الحفظ ، ولمَّا لم تكن مبنيّة على أساس مُستحكم ، كانت في معرض النقض والإبطال تتغيّر سريعاً وتنقرض ، ولكنّ المجتمعات المتمدّنة تبنيه على أساس قويم ، بحسب درجاتهم في المدنية والحضارة ، فيرفعون به التضادّ والتمانع الواقع بين الإرادات وأعمال المجتمع بتعديلها ، بوضع حدود وقيود لها ، ثمّ ركز القدرة والقوّة في مركز عليه ضمان إجراء ما ينطق به القانون .
ومن هنا يظهر:
أولاً : أنّ القانون حقيقة هو ما تُعدَّل به إرادات الناس وأعمالهم ، برفع التزاحم والتمانع من بينهما بتحديدها .
وثانياً : أنّ أفراد المجتمع الذي يحكم فيه القانون أحرار فيما وراءه ، كما هو مقتضى تجهُّز الإنسان بالشعور والإرادة بعد التعديل ؛ ولذا كانت القوانين الحاضرة لا تتعرَّض لأمر المعارف الإلهية والأخلاق ، وصار هذان المهمَّان
نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 29