فلم يكن من الممكن أن توجد للإنسان فكرة عن شيء ما لم تقم أداة كاللغة بدور المنبّه الشرطي .
قال ستالين :
(يقال : إنّ الأفكار تأتي في روح الإنسان قبل أن تعبّر عن نفسها في الحديث ، وإنّها تولد دون أدوات اللغة . إلاّ أنّ هذا خطأ تماماً ، فمهما كانت الأفكار التي تأتي في روح الإنسان ، فلا يمكن أن تولد أو توجّه إلاّ على أساس أدوات اللغة ... فاللغة هي الواقع المباشر للفكر) [1] .
ونحن نختلف عن الماركسية في كلا الرأيين ، ولا نقرّ الآلية في الإدراك البشري ، فليست الأفكار والإدراكات مجرّد ردود فعل منعكسة عن المحيط الخارجي ، كما تدّعي السلوكية ، وليست ـ أيضاً ـ حصيلة تلك الردود المحدّدة من قبلها ، والمتطوّرة بتبعها ، كما تعتقد الماركسية .
ولنوضّح المسألة في المثال التالي : يلتقي زيد وعمرو يوم السبت ، فيأخذان بالحديث مدّة ، ثمّ يحاولان الافتراق ، فيقول زيد لعمرو : انتظرني في صباح الجمعة الآتية في بيتك . ويفترقان بعد ذلك . وينصرف كلّ منهما إلى حياته الاعتيادية ، وتمرّ الأيام حتّى يحين الموعد المحدّد للزيارة ، فيستذكر كلّ من الشخصين موعده ، ويدرك موقفه بصورة مختلفة عن إدراك الآخر ، فيبقى عمرو في بيته ينتظر ، ويخرج زيد من بيته متوجّهاً إلى زيارته . فما هو المنبّه الشرطي الخارجي الذي أثار فيهما الإدراكين المختلفين بعد مرور عدّة أيام على الميعاد السابق ، وفي هذه الساعة بالذات ؟! وإذا كان الكلام السابق كافياً للتنبيه الآن ،