وبكلمة أخرى : أنّ الأشياء الخارجية قد تقذف إلى الدماغ برسائل متفرّقة ، وهي : استجاباتنا للمنبّهات الخارجية في عرف السلوكية ، وقد يحلو للسلوكية أن تقول : إنّ هذه الاستجابات والرسائل المادّية التي تمرّ في الأعصاب إلى المخّ هي وحدها المحتوى الحقيقي لإدراكنا ، ولكن ماذا تقول عن إدراكنا لنظام من العلاقات بين الأشياء يجعلنا نحسّ أوّلاً بالكلّ الموحّد وفقاً لتلك العلاقات ؟ مع أنّ نظام العلاقات هذا ليس شيئاً مادّياً ليثير انفعالاً مادّياً في جسم المفكّر واستجابة أو حالة جسمية معيّنة ، فلا يمكننا أن نفسّر إدراكنا لهذا النظام ، وبالتالي إدراكنا للأشياء ضمنه على أساس سلوكي بحت .
وأمّا الماركسية فقد أخذت بنظريات (بافلوف) ورتّبت عليه :
أوّلاً : أنّ الشعور البشري يتطوّر طبقاً للظروف الخارجية ؛ وذلك لأنّه حصيلة الأعمال المنعكسة الشرطية التي تثيرها المنبّهات الخارجية .
قال جورج بوليتزير :
(وبهذا الطريقة أثبت (بافلوف) أنّ ما يُحدّد أساساً شعور الإنسان ليس جهازه العضوي ... بل يحدّده على عكس ذلك المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان ، والمعرفة التي يحصل عليها منه . فالظروف الاجتماعية للحياة هي المنظّم الحقيقي للحياة العضوية الذهنية) [1] .
ثانياً : أنّ ولادة اللغة كانت هي الحدث الأساسي الذي نقل البشر إلى مرحلة الفكر ؛ لأنّ فكرة الشيء في الذهن إنّما تنجم عن منبّه خارجي شرطي ،