responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 424

ولكن المسألة الفلسفية الأخرى التي تنبثق ممّا سبق ، هي : أنّ الإدراكات والصور التي تتشكّل منها حياتنا العقلية إذا لم تكن صوراً قائمة بعضوٍ مادّي ، فأين هي قائمة إذن ؟ وهذا السؤال هو الذي دعا إلى استكشاف حقيقة فلسفية جديدة ، وهي : أنّ تلك الصور والإدراكات تجتمع أو تتابع كلّها على صعيد واحد ، هو : صعيد الإنسانية المفكّرة ، وليست هذه الإنسانية المفكّرة شيئاً من المادّة ، كالدماغ أو المخّ ، بل هي درجة من الوجود مجرّدة عن المادّة ، يصلها الكائن الحيّ في تطوّره وتكامله . فالمدرِك والمفكّر هو هذه الإنسانية اللامادّية .

ولكي يتّضح الدليل على ذلك بكلّ جلاء يجب أن نعلم أنّا بين ثلاثة فروض :

إحداها : أنّ إدراكنا لهذه الحديقة أو لذلك النجم صورة مادّية قائمة بجهازنا العصبي ، وهذا ما نبذناه ، ودلّلنا على رفضه .

وثانيها : أنّ إدراكاتنا ليست صوراً مادّية ، بل هي صور مجرّدة عن المادّة ، وموجودة بصورة مستقلّة عن وجودنا . وهذا افتراض غير معقول أيضاً ؛ لأنّها إذا كانت موجودة بصورة مستقلّة عنّا ، فما هي صلتنا بها ؟! وكيف أصبحت إدراكات لنا ؟!

وإذا نفضنا يدينا من هذا وذاك ، ولم يبقَ لدينا إلاّ التفسير الثالث للموقف ، وهو : أنّ تلك الإدراكات والصور العقلية ليست مستقلّة في وجودها عن الإنسان ، كما أنّها ليست حالة أو منعكسة في عضو مادّي ، وإنّما هي ظواهر مجرّدة عن المادّة ، تقوم بالجانب اللامادّي من الإنسان . فهذه الإنسانية اللامادّية (الروحية) هي التي تدرك وتفكّر ، لا العضو المادّي ، وإن كان العضو المادّي يهيّئ لها شروط الإدراك ؛ للصلة الوثيقة بين الجانب الروحي والجانب المادّي من الإنسان .

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست