responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 338

لإقامة علم طبيعي ، لا مبرّر له إلاّ قوانين العلّية بصورة عامّة ، وقانون التناسب منها بصورة خاصّة ، القائل : إنّ كلّ مجموعة متّفقة في حقيقتها ، يجب أن تتّفق ـ أيضاً ـ في العلل والآثار ، فلو لم تكن في الكون علل وآثار ، وكانت الأشياء تجري على حسب الاتّفاق البحت ، لما أمكن للعالم الطبيعي القول : إنّ ما صحّ في مختبره الخاصّ ، يصحّ على كلّ جزء من الطبيعة على الإطلاق .

ولنأخذ لذلك مثالاً بسيطاً ، مثال العالم الطبيعي الذي أثبت بالتجربة أنّ الأجسام تتمدّد حال حرارتها ، فإنّه لم يحط بتجاربه جميع الأجسام التي يحتويها الكون طبعاً ، وإنّما أجرى تجاربه على عدّة أجسام متنوّعة ، كعجلات العربة الخشبية التي توضع عليها إطارات حديدية أصغر منها ، حال سخونتها ، فتنكمش الإطارات إذا بردت وتشتدّ على الخشب ، ولنفرض أنّه كرّر التجربة عدّة مرّات على أجسام أخرى ، فلن ينجو في نهاية المطاف التجريبي عن مواجهة هذا السؤال : ما دمتَ لم تستقصِ جميع الجزئيات ، فكيف يمكنك أن تؤمن بأنّ إطارات جديدة أخرى غير التي جرّبتها ، تتمدّد هي الأخرى ـ أيضاً ـ بالحرارة .

والجواب الوحيد على هذا السؤال هو : مبدأ العلّية وقوانينها . فالعقل حيث إنّه لا يقبل الصدفة والاتّفاق ، وإنّما يفسّر الكون بالعلّية وقوانينها من الحتمية والتناسب ، يجد في التجارب المحدودة الكفاية للإيمان بالنظرية العامة القائلة بتمدّد الأجسام بالحرارة ؛ لأنّ هذا التمدّد الذي كشفت عنه التجربة لم يكن صدفة ، وإنّما كان حصيلة الحرارة ومعلولاً لها ، وحيث إنّ قانون التناسب في العلّية ينصّ على أنّ المجموعة الواحدة من الطبيعة تتّفق في أسبابها ونتائجها وعللها وآثارها ، فلا غرو أن تحصل كلّ المبرّرات ـ حينئذٍ ـ للتأكيد على شمول ظاهرة التمدّد لسائر الأجسام .

وهكذا نعرف أنّ وضع النظرية العامّة لم يكن ميسوراً دون الانطلاق من

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست