المنطق العام يؤمن بمبدأ عدم التناقض ، ويعتبره المبدأ الأوّل الذي يجب أن تقوم كلّ معرفة على أساسه ، والمبدأ الضروري الذي لا يشذّ عنه شيء في دنيا الوجود ، ولا يمكن أن يبرهن على حقيقة مهما كانت لولاه .
ويرفض المنطق (الهيجلي) هذا المبدأ كلّ الرفض ، ولا يكتفي بالتأكيد على إمكان التناقض ، بل يجعل التناقض ـ بدلاً عن سلبه ـ المبدأ الأوّل لكلّ معرفة صحيحة عن العالم ، والقانون العامّ الذي يفسّر الكون كلّه بمجموعة من التناقضات . فكلّ قضية في الكون تعتبر إثباتاً ، وتثير نفيها في نفس الوقت ، ويأتلف الإثبات والنفي في إثبات جديد . فالنهج المتناقض للديالكتيك أو الجدل الذي يحكم العالم ، يتضمّن ثلاث مراحل تُدعى : الأطروحة ، والطباق ، والتركيب . وفي تعبير آخر : الإثبات ، والنفي ، ونفي النفي [1] . وبحكم هذا النهج الجدلي يكون كلّ شيء مجتمعاً مع نقيضه ، فهو ثابت ومنفي ، وموجود ومعدوم في وقت واحد .
وقد ادّعى المنطق (الهيجلي) أنّه قضى ـ بما زعمه للوجود من جدل ـ على الخطوط الرئيسية للمنطق الكلاسيكي ، وهي ـ في زعمه ـ كما يأتي :
أوّلاً ـ مبدأ عدم التناقض . وهو يعني : أنّ الشيء الواحد لا يمكن أن يتّصف بصفة وبنقيض تلك الصفة في وقت واحد .
ثانياً ـ مبدأ الهوية . وهو المبدأ القائل : إنّ كلّ ماهية فهي ما هي بالضرورة ، ولا يمكن سلب الشيء عن ذاته .
ثالثاً ـ مبدأ السكون والجمود في الطبيعة . الذي يرى سلبية الطبيعة وثباتها ، وينفي الديناميكية عن دنيا المادّة .