عليها فهم جديد للعالم ، وتنشأ [ بها ] [1] نظرية جديدة نحوه ، تختلف كلّ الاختلاف عن النظرة الكلاسيكية التي اعتادها البشر منذ قُدّر له أن يدرِك ويفكّر .
وليس (هيجل) هو الذي ابتدع أصول الديالكتيك ابتداعاً ، فإنّ لتلك الأصول جذوراً وأعماقاً في عدّة من الأفكار التي كانت تظهر بين حين وآخر على مسرح العقل البشري ، غير أنّها لم تتبلور على أسلوب منطق كامل واضح في تفسيره ونظرته ، محدّد في خططه وقواعده ، إلاّ على يد (هيجل) . فقد أنشأ (هيجل) فلسفته المثالية كلّها على أساس هذا الديالكتيك ، وجعله تفسيراً كافياً للمجتمع والتاريخ والدولة وكلّ مظاهر الحياة ، وتبنّاه بعده (ماركس) فوضع فلسفته المادّية في تصميم ديالكتيكي خالص .
فالجدل الجديد في زعم الديالكتيكيين قانون للفكر والواقع على السواء ؛ ولذلك فهو طريقة للتفكير ، ومبدأ يرتكز عليه الواقع في وجوده وتطوّره .
قال لينين :
(فإذا كان ثمة تناقضات في أفكار الناس ؛ فذلك لأنّ الواقع الذي يعكسه فكرنا يحوي تناقضات . فجدل الأشياء ينتج جدل الأفكار ، وليس العكس) [2] .
وقال ماركس :
(ليست حركة الفكر إلاّ انعكاساً لحركة الواقع ، منقولة ومحوّلة في مخ الإنسان) [3] .
والمنطق (الهيجلي) بما قام عليه من أساس الديالكتيك والتناقض ، يعتبر في النقطة المقابلة للمنطق الكلاسيكي ، أو المنطق البشري العامّ تماماً ؛ ذلك أنّ
[1] في الطبعة الأُولى : به ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه . (لجنة التحقيق)