و من هنا ظهر وجه كلام بعض الأعلام، حيث أنه استشكل في العموم من حيث شموله للإيقاع مع التمسك منه في بعض العقود. و ظهر حال العقود الجائزة أيضا من عدم دخول الشرط فيه لما عرفت من انتفاء الفائدة للشرط فيها.
و دعوى إمكان تحصيل الفائدة فيها و لو بالتأكيد و نحوه مدفوعة: بأن الفائدة لا بد من أن تظهر في المشروط بحيث يكون له، و التأكيد ليس كذلك لأنه من فوائد الشرط خاصة، و الا فلو فرض كونه للمشروط لزم الدور.
و قد تم الكلام في هذا المقام و له الحمد على كل حال. فلنشرع الى قسم آخر من الخيار فهو رابع الخيارات مما ذكر شيخنا العلامة (قده) في كتابه، كما قال (قده):
[الرابع:] الكلام في خيار الغبن
الرابع: خيار الغبن. و نقول: لا بد من التعرض الى موضوعه أولا ثم حكمه.
فنقول: الغبن- بتسكين الباء- خديعة في البيع، و بالتحريك خديعة في الرأي سواء سبق السؤال و الاستشار فأوقعه في الجهل و أخدعه أم لا؟
ثم لا يخفى أن الغبن في البيع بحسب معناه اللغوي لا يتحقق الا مع جهل المخدوع و المغبون و علم الغابن، فيعتبر في تحقق مفهومه اعتبار القيدين. و لكن بحسب إطلاق الفقهاء أنه عبارة عن مطلق تمليك ماله بما يزيد أو ينقص، سواء كان البائع الذي هو غابن في الأول عالما بالقيمة أو جاهلا، و المشتري الغابن- في صورة النقيصة- عالما بها أو جاهلا، أو كانا كلاهما جاهلين بالقيمة: يتحقق الغبن عند الفقهاء أيضا، فكان ذلك من باب حدوث المعنى الاصطلاحي له. و ان كان يمكن أن يقال: عدم اعتبار القيدين في معناه اللغوي أيضا بدعوى أن معناه لغة الإتيان بفعل ما يناسب الخادع كلفظة الجهالة، حيث أنها بمعنى الإتيان بأفعال