قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ما شاء اللّه أن يتقدّم، حتّى سمع ما قال الربّ تبارك و تعالى:
«أنا المحمود و أنت محمّد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، و من قطعك بتكته [1]، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إيّاك، و أنّي لم أبعث نبيّا إلّا جعلت له وزيرا، و أنّك رسولي، و أنّ عليّا وزيرك».
فهبط رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فكره أن يحدّث الناس بشيء كراهيّة أن يتّهموه، لأنّهم كانوا حديثي عهد بالجاهليّة، حتّى مضى لذلك ستّة أيّام؛ فأنزل اللّه تبارك و تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ[2].
فاحتمل رسول اللّه ذلك حتّى كان اليوم الثامن، فأنزل اللّه تبارك و تعالى عليه:
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): تهديد بعد وعيد، لامضينّ أمر اللّه عزّ و جلّ، فإن يتّهموني و يكذّبوني فهو أهون عليّ من أن يعاقبني العقوبة [4] الموجعة في الدنيا و الآخرة. قال: و سلّم جبرئيل على عليّ بإمرة المؤمنين.
فقال عليّ (عليه السلام): يا رسول اللّه! أسمع الكلام و لا أحسّ الرؤية! فقال: يا عليّ! هذا جبرئيل أتاني من قبل ربّي بتصديق ما وعدني.
ثمّ أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) رجلا فرجلا من أصحابه حتّى سلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ثمّ قال:
يا بلال! ناد في الناس أن لا يبق غدا أحد- إلّا عليل- إلّا خرج إلى غدير خمّ، فلمّا كان من الغد خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بجماعة أصحابه، فحمد اللّه و أثنى عليه
[3] المائدة: 67. و في عبقات الأنوار: 9/ 117- 220 روايات عن عدد من العلماء الاجلّاء و المفسّرين الموثوق بهم بشأن نزول آية التبليغ في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير، نحيل القارئ الكريم إليها.