بعث إليّ يحيى بن أكثم، و إلى عدّة من أصحابي، و هو يومئذ قاضي القضاة، فقال:
إنّ أمير المؤمنين أمرني أن احضر معي غدا مع الفجر أربعين رجلا كلّهم فقيه يفقه ما يقال له، و يحسن الجواب، فسمّوا من تظنّونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين، فسمّينا له عدّة، و ذكر هو عدّة، حتى تمّ العدد الّذي أراد، و كتب تسمية القوم، و أمر بالبكور في السحر، و بعث إلى من يحضر فأمره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه، و هو جالس ينتظرنا، فركب و ركبنا معه حتّى صرنا إلى الباب، فإذا بخادم واقف، فلمّا نظر إلينا، قال:
يا أبا محمّد! أمير المؤمنين ينتظرك. فادخلنا، فأمرنا بالصلاة، فأخذنا فيها فلم نستتمّها حتّى خرج الرسول فقال: ادخلوا.
فدخلنا فإذا أمير المؤمنين جالس على فراشه- إلى أن قال-:
ثمّ قال: إنّي لم أبعث فيكم لهذا، و لكنّني أحببت أن ابسطكم [1] أنّ أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الّذي هو عليه، و الّذي يدين اللّه به.
قلنا: فليفعل أمير المؤمنين وفّقه اللّه.
فقال: إنّ أمير المؤمنين يدين اللّه على أنّ عليّ بن أبي طالب خير خلفاء [2] اللّه بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أولى الناس بالخلافة له.
قال أبو إسحاق: فقلت: يا أمير المؤمنين! إنّ فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في عليّ، و قد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة.
فقال: يا با إسحاق اختر، إن شئت سألتك، أسألك، و إن شئت أن تسأل، فقل.
قال أبو إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين. قال: سل.
قلت: من أين قال أمير المؤمنين: إنّ عليّ بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول اللّه و أحقّهم بالخلافة بعده؟ قال: يا با إسحاق! خبّرني عن الناس بم يتفاضلون حتّى يقال فلان أفضل من فلان؟